السيدة عائشة كانت تنفي رؤية النبي ﵌ لربه ليلة الإسراء والمعراج جازمة بذلك ومستعظمة كل الاستعظام لمن قد يقول بأن محمدًا ﵌ رأى ربه.
وقد روى الشيخان في صحيحيهما (١) من حديث مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه قال لها - مسروق هو القائل -: يا أم المؤمنين! هل رأى محمد ربه؟ قالت: لقد قَفَّ شعري لما قلت، قال: يا أم المؤمنين! ارحميني ولا تعجلي علي، أليس يقول الله ﵎: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ (النجم: ١٣ - ١٤) قالت: أنا أعلم الناس بذلك، سألت رسول الله ﵌ فقال: «رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح» ثم قالت مؤكدة نفيها لرؤية النبي ﵌ لله ﵎: ثلاث من حدثكموهن فقد أعظم على الله الفرية: من حدثكم أن محمدًا ﵌ رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، ثم تلت قوله ﵎: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ (الشورى:٥١) وتلت قوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ (الأنعام:١٠٣) فمن حدثكم بأن محمدًا ﵌ كان يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، ثم تلت قوله تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ (النمل:٦٥) ومن حدثكم بأن محمدًا ﵌ كتم شيئًا أمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية، ثم تلت قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ (المائدة:٦٧).
هذه رواية صحيحة في الصحيحين، صريحة في أن السيدة عائشة جزمت بأن النبي ﵌ لم يرَ ربه، وعلى ذلك أحاديث تؤكد نفيها، هذا حديث مذكور؛ لأن هذا
(١) البخاري (رقم٤٥٧٤) ومسلم (رقم٤٥٩).