والتي أضحت مثالا على النسق الفكري، والنموذج الأساس لما بعد الحداثة. فالنظرية الحداثية المعمارية كانت تعتمد في الأساس على فكرة الوظيفة دون الالتفات إلى الشكل، أن يحقق البناء وظيفته على النحو الأتم بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى تتعلق بشكل البناء ومكامن الجمال فيه.
57
وكما يقول جين جاكوبس
J. Jacobs
في دراسته الهامة «موت المدن الأمريكية الكبرى وحياتها»: «إن المسطحات الحضرية التي أقامتها الحداثة كانت نقية ومنظمة وناجحة من الناحية المادية، أما اجتماعيا وروحانيا وإنسانيا فهي أقرب إلى الموات، وإن زحام وصخب القرن التاسع عشر هما ما أبقى على الحياة الحضرية المعاصرة.»
58
في عام 1965م نشر الناقد المعماري روبرت فنتوري
Robert Venturi
مقالة بعنوان «مبررات عمارة البوب» في مجلة «الفن والعمارة»
Art and Architecture ، قدم خلالها مبررات وحتمية ولادة مفهوم جديد للعمارة عوضا عن المفاهيم التقليدية الموروثة من الحداثة. ثم أتبع هذه المقالة بكتابيه «التعقيد والتناقض في العمارة» و«التعلم من لاس فيجاس»، ينتقد فنتوري في الكتاب الأول ما أسماه «البساطة الزائدة» في التصميم المعماري الحداثي واصفا إياه ب «النقيصة التكوينية»، داعيا إلى «إثراء الناتج المعماري»، ومبشرا بميلاد مفاهيم نظرية جديدة، تخالف وتعارض المناهج المعمارية السابقة وتطبيقاتها البنائية المستقرة. وفي الكتاب الثاني يوصينا فنتوري بأن نتعلم جمالياتنا المعمارية من عرى لاس فيجاس أو من الضواحي القذرة كما في ليفيتاون؛ لأن الناس باختصار تحب هذه الأمكنة «وليس شرطا أن يكون للإنسان توجه سياسي محدد حتى يدعم حقوق متوسطي الطبقة الوسطى في جماليتهم المعمارية الخاصة بهم، وقد وجدنا فعلا أنه يتشارك في نمط ليفيتاون الجمالي معظم متوسطي الطبقة الوسطى، السود كما البيض، الليبراليين كما المحافظين.»
نامعلوم صفحہ