هو مبدأ السببية
Causalité ؛ قانون صارم تخضع له كل ظواهر الطبيعة.
لقد جلبت السيطرة العلمية على الطبيعة الوعد بالتخلص من الندرة والحاجة، وتعسف الطبيعة، إلى الأبد. وجلب التخطيط العقلاني للتنظيم الاجتماعي ولأنماط التفكير، الوعد بالتحرر من لا عقلانية الخرافة، والدين، والأسطورة، ومن الاستخدام المتعسف للسلطة، والتحرر كذلك من تسلط الجانب اللاعقلاني داخل طبيعتنا البشرية. عبر مشروع كهذا فقط، يمكن أن تتحقق الخصائص الكلية والثابتة والدائمة لكل البشر باعتبارهم بشرا.
وابتداء من القرن ال 18 - الذي عرف بعصر التنوير - سيبدأ فصل جديد من الإيمان المطلق بالعقل وإطلاق طاقاته وقدراته في شتى ميادين المعرفة. إنه عقد انتصار قيم الحرية والعدالة والديمقراطية والانفتاح. يقول كانط مجيبا على سؤال «ما التنوير؟»: «إن معنى التنوير خروج الإنسان من تبعيته؛ أي أن يملك الإنسان شجاعة استخدام عقله بنفسه.»
8
لقد قبل فكر التنوير بقوة فكرة التقدم، وذلك الإعراض عن التاريخ والتقاليد التي تعتنقها الحداثة. وقد كان ذلك الفكر بمثابة حركة علمانية ابتغت تحرير المعرفة من الأوهام والمقدسات وتنظيم المجتمع في سبيل تحرير البشر من القيود؛ وفي هذا يقول كوندرسيه
Condorcet
خلال آلام مخاض الثورة الفرنسية: «القانون الجيد لا بد أن يكون جيدا لكل إنسان، تماما كما أن القضية الصحيحة هي صحيحة بالنسبة للجميع.» لقد كانت تلك الرؤية متفائلة بصورة مدهشة، وكما لاحظ هابرماس
Habermas
فإن مفكرين، مثل كوندرسيه، كانوا «مأخوذين بتوقع مفرط مؤداه أن الفنون والعلوم ستجلب، ليس فقط السيطرة على قوى الطبيعة، وإنما كذلك فهم العالم والذات، والتقدم الأخلاقي، والعدالة في المؤسسات، بل والسعادة لبني البشر.» لذا يعرف هابرماس الحداثة بأنها محاولة «لإنشاء العلم الموضوعي، وتأسيس الأخلاقيات العامة وقواعد القانون والفن المستقل، كل وفق منطقه الداخلي الخاص.» في نفس الوقت أرادت الحداثة أن «تطلق الإمكانيات المعرفية لكل هذه الميادين من أشكالها الخفية.»
نامعلوم صفحہ