Duroos by Sheikh Ali Bin Umar Badahdah
دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح
اصناف
مكانة صلاتي العشاء والفجر
لقد حث النبي ﵊ على أمر كان الصحابة فيه من المتنافسين، وكانوا فيه ممن ضربوا المثل الأعلى في شأن قيام الليل الذي كان يحييه بعضهم من أوله إلى آخره، وبعضهم معظمه، أو من منتصفه إلى آخره، ونحو ذلك، وقد تقاعست الهمم، وضعفت العزائم في عصرنا هذا عن قيام الليل، ولو بركيعات قليلات، ولذا جاء فضل من الله ﷿ عظيم وربطٌ لنا بأداء الصلوات في الجماعات كبير، عندما قال ﵊ فيما صح عنه: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله)، فكثيرون ممن يفرطون في الفجر يفرطون في عظيم الأجر.
وكذلك يحذر النبي ﷺ تحذيرًا فيه خصيصة لك أيها العبد المؤمن، يا من شهدت صلاة الفجر في الجماعة؛ لأنها صلاة تأتي والناس غارقون في نومهم، أو سارحون في أحلامهم وقد أنسوا بالراحة بعد التعب، وشق عليهم أن ينهضوا من فرشهم الوثيرة بسبب البرد وغير ذلك من أسباب التثاقل والتكاسل، فإذا نهضت من تلك الراحة إلى طاعة الله فإن لك بشارة، وإن لك شهادة عظيمة من الله ﷿ أخبرنا بها النبي ﷺ في حديثه كما عند الطبراني من حديث أبي بكرة عن النبي ﵊ أنه قال: (من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فمن أخفر ذمة الله أكبه الله في النار لوجهه) قال أهل العلم في معنى قوله: (من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله) أي: في أمان الله ﷿، وفي حفظ الله ﷿، وفي رعاية الله ﷿ تحت عين ونظر الله ﷿.
فما أعظمها من شهادة! وما أعظمه من حفظ ورعاية! (فمن أخفر ذمة الله أكبه الله في النار لوجهه) قال العلماء: معناه على أحد قولين: الأول: تحذير من ترك صلاة الفجر في جماعة؛ لأن تاركها ينقض ذمة الله عنه فلا يعود محفوظًا، فيصيبه ما يصيبه عندما ينسحب أو ينتقض أمان الله وذمة الله له.
المعنى الآخر -وهو جميل جدًا ورائع جدًا يبين لنا عظمة هذه الصلاة-: أن (من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله) أي: فلا تتعرضوا له بشيء، لا تؤذوه ولا تتعرضوا له؛ فإنه في ذمة الله وفي حمايته، فإن تعرضتم له فقد تعرضتم لسخط الله ﷿، فما أعظم هذه الحماية التي تؤتاها عندما تشهد صلاة الفجر في جماعة.
2 / 4