* مسألة [متى يوصف الله تعالى بأنه أرشد] :
فإن قال: فمتى تصفون الله تعالى بأنه أرشد؟ قيل له: نصفه تعالى بذلك في وقت وجود هذا الرشاد وهذا السداد وهذا الصلاح من الإنسان، كما إذا وصفناه من الهدى الذي هو الإيمان بأن هدى المؤمن فإنما نصفه بذلك في حال وجود الإيمان. فإن قال: أفيجوز عندكم أن يرشد الله المؤمن من غير هذا المعنى الذي هو الإيمان؟ قيل له: نعم، بأن يثيبه؛ لأن الثواب رشاد. وقد روي لنا عن بعض فضلاء المسلمين من أصحاب /18/ رسول الله j أنه قال في شعر له:
حتى يقولوا وقد مروا على ... جدثي ... يا أرشد الله من غاز وقد ... رشدا (¬1)
فقوله: «يا أرشد الله من غاز» يدل على أنه إنما يدعو له بالثواب؛ لأنه ميت في القبر، والميت لا يدعى له بأن يرزقه الله الإيمان.
وقد يجوز أن يقال: إن الله تعالى دل عباده المتعبدين إلى طاعته، كما يقال: هداهم جميعا إلى دينه، بمعنى دلهم على دينه، وإن كان الوجهان الأولان في الإرشاد أوضح من هذا الوجه الثالث الذي معناه الدلالة. ولكن لا يقال: إن الله تعالى يسدد المؤمن إلا على الوجه الواحد الذي بينا؛ لأن السداد هو الاستقامة، ولوجوده بتوفيق الله كان الله تعالى مسددا للمؤمن به.
فصل [الله تعالى يأبى ويريد]
صفحہ 30