============================================================
ديوان الجيلانى من حيث طبيعته ، وبما يتميز به من ايجاز لفظى ودلالة رحبة ، خليق بأن يلمع به الصوف الى مكاشفات الوصول ومشاهدات الولاية، دونما إسهاب من شأنه أن يوقع أهل التحقيق فى مزالق اللغة ومضايق الفهم ومشانق الفقهاء القشريين ! ومن هتا قال الصوفى فى شعره ، مالم يقله فى كلامه لأهل زمانه وقصائد الامام الجيلاتى التى تقدمها فى هذا الديوان، خير شاهد على ذلك .
ولما كان الشعر الصوق فى أبياته القصار وقصائده المطولة على هذه الدرجة من الأهمية، ولما كان الصوفية قد ارتضوه قالبا تعبيريا منذ فجر التصوف وحتى اليوم ، ولما كنا بصدد تقديم تموذج منه في هذا الديوان، ولأنه فى خاتمة المطاف نمط مستقل من الاتتاج الشعرى، فالمقام يقتضى أن تتوقف حينا لتحديد الخصائص العامة التى يتميز بها هذا اللون الشعرى : ان أولى خصائص الشعر الصوفى وأبرزها، هو ما يتعمده الشاعر من سلوك سبيل الرمز والكناية وضرب الأمتال، ليحمل البيت الشعرى بين طيات تفعيلاته ما لا حصر له من الدلالات الخاصة، وهذا ما يصرح به شعراء الصوفية اهم فجد منهم عبد الكريم الجيلى يفصل الأمر يقوله: مفاتيح أقفال الغيوب أتتك فى خزائن أقوالى فهل انت سامع وها أنا ذا أخفى وأظهر تارة لرمز الهوى ما السر عندى ذائع وائاك أعنى فاسمعى جارتى فما يصرح إلاجاهل او مخادع سانشى روايات إلى الحق أسندت وأضرب أمثالا لما أنا واضع(1) 1 البولى : قصيدة الفادرات العيتية ابيات 134/128/127/120. تحقيق بوسف زيدان (دار الجيل ببيوت 1948) 76.6
صفحہ 6