دیباج ودی
الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي
اصناف
ولا يغررك ما ترى من الناس من إهماله وهجره ونبذه وراء ظهورهم، وطرح ذكره حيث كان، كأن في حكمة الهجر مأسورا مقهورا، ومن العلوم في أكثر أحوالها ممحوا مغمورا، قد استولت على أسراره يد النسيان والذهول، وانكسفت نجومه، وآلت أقماره وشموسه إلى الذهاب والأفول، ولله در من قال:
حسدوه حين رأوه أحسن منهم .... والبدر تحسده النجوم إذا بدا
وما ذاك إلا لأجل(1) ما اشتمل عليه من الغموض، واستولى عليه من دقة الأسرار والرموز، خاصة في الإشارة إلى أحوال المبدع وصفاته، ومعرفة الأزمنة الأزلية، وتقرير الخواص الإلهية، فإن أحدا من أفناء(2) الخليقة لم ينسج على منواله، ولا سمحت قريحة بشكله في ذلك ومثاله، كما سننبه على تلك الأسرار، ونذكر تلك الحقائق بمعونة الله تعالى، ولقد صدق فيه من قال:
قل للذي بصروف الدهر عيرنا .... هل عاند الدهر إلا من له خطر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف .... وتستقر بأقصى قعره الدرر
وفي السماء نجوم ما لها(3) عدد عددي .... وليس يكسف إلا الشمس والقمر
التقرير الثالث:
في بيان العلوم التي تضمنها واشتمل عليها
واعلم أن هذا الكتاب وإن كان مشتملا على فنون متفرقة، وأساليب في البلاغة متشعبة، لكن أكثرها جريانا فيه وأعظمها استعمالا، وهي الخطب والكتب والحكم، فلا جرم لما كان الأمركما قلناه رتبناه على هذه الأقطاب الثلاثة.
أولها: الخطب والدلائل.
وثانيها: الكتب والرسائل.
وثالثها: الحكم والأدب(4).
صفحہ 96