وفي بيان الفرق بين الزيارتين؛ يقول ابن تيمية في منسكه الذي نقله عنه الإمام ابن عبد الهادي: (وزيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بِدْعيّة.
فالشرعية: المقصود بها السلام على الميت، والدعاء له؛ كما يُقصد بالصلاة على جنازته. فزيارتُه بعد موته من جنس الصلاة عليه؛ فالسنة فيها: أن يسلّم على الميت، ويدعو له؛ سواءً كان نبيًّا أَو غير نبيٍّ. . .
وأمّا الزيارة البدعية: فهي أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجَه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به = فهذا ليس من سنة النبي ﷺ، ولا استحبّه أحدٌ من سلف الأمة؛ بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها) (^١)
وقال الإمام ابن قيّم الجوزيَّة ﵀ في بيان مقاصد زيارة الموحّدين للقبور: (أما زيارة الموحدين = فمقصودُها ثلاثة أشياء:
أحدها: تذكّر الآخرة، والاعتبار، والاتعاظ. . .
الثاني: الإحسان إلى الميت، وأن لا يطول عهده به، فيهجره، ويتناساه؛ كما إذا ترك زيارة الحيّ مدةً طويلةً تناساه. فإذا زار الحيَّ فرح بزيارته، وسُرّ بذلك = فالميت أَوْلَى. .
الثالث: إحسان الزَّائر لِنفسه؛ باتِّباع السُّنَّة، والوقوف عند ما شرعه الرسول ﵌؛ فيُحسِن إلى نفسه، وإلى المَزُور ...) (^٢)
* * *
(^١) "الصارم المنكي" (٤٧ - ٤٨)
(^٢) إغاثة اللفهان (٢١٨ - ٢١٩)