القبور، فزوروها فإنّها تذكّر الموت) (^١)
لكن هذه الزيارة تكون مرضيّةً متى ما وقعت دون إنشاءِ سفرٍ لها، وعلى الكيفيّة المشروعة من السلام عليه ﷺ. وأمّا شدّ الرحال بقصد زيارة قبره ﵊؛ فهذه هي الزيارة البدعيّة التي جاء النصّ بخلافها.
وفي بيان أن السفر إلى مسجده ﷺ، ثم زيارة قبره ﵊ قُربة يُثاب المرءُ عليها؛ يقول شيخ الإسلام: (والصلاة تُقصَر في هذا السفر المستحبّ، باتفاق أئمة المسلمين، لم يقل أحدٌ من أئمة المسلمين أن هذا السفر لا تُقصَر فيه الصلاة، ولا نهى أحدٌ عن السفر إلى مسجده؛ وإن كان المسافر إلى مسجده يزور قبره ﷺ؛ بل هذا من أفضل الأعمال الصالحة. ولا في شيءٍ من كلامي وكلام غيري ينهى عن ذلك، ولا نهي عن المشروع في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، ولا عن المشروع في زيارة سائر القبور؛ بل قد ذكرتُ في غير موضع: استحباب زيارة القبور. . . . وإذا كانت زيارة قبور عموم المسلمين مشروعة، فزيارةُ قبور الأنبياء والصالحين أَوْلى) (^٢)
والزيارة المندوب إليها في نصوص الشريعة هي التي يُقْصَد بها السلامُ على الميت، والدعاء له، وأخْذ العظة والاعتبار، وتذكّر الآخرة. فهذه الزيارة مأذون للزائر بها.
وأما الزيارة البدعية المحرمة = فهي التي يروم منها الزائر صَرفَ الرّغاب إلى الميت، وسؤاله. أو: يُقصَد بها الدعاء عند قبره؛ ظنًّا منه أَنَّ ذلك أَحْرى لإجابةِ سؤاله. أو اتخاذ قبره مسجدًا.
(^١) أخرجه أحمد في "المسند" (٥/ ٣٦١)،والحاكم في "المستدرك" (١/ ٣٧٦) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(^٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٣٠ - ٣٣١)