وعبأ الأمير عز الدين جنوده كذلك، حتى قربوا من صنعاء وصفوف الغز مما يلي مسجد الحرة إلى سور المدينة، فتواقف الناس وبعضهم ينتظر من صاحبه الدنو إليه ليقع التمكن من المراد، فبقوا على ذلك إلى أن قرب الليل وخاف الناس فوت الفريضة، فأجمع الأمير على الرجوع إلى محطتهم. فلما أذن للناس بالانصراف، رجعوا من غير تعبئة وأرفضوا(1) في القاع ودخل بعضهم في بعض، فلما عاين الغز ذلك ساروا إليهم على تعبئتهم سيرا حثيثا، حتى دنوا من الناس، فصاح الأمير عزالدين بالرجوع، فلم يجبه أحد، فثبت مكانه في إخوته وأصحابه، وكبار أهل دولته ودارت عليهم رحى الحرب، فاختلطوا واطعنوا، ثم اضطربوا بالسيوف، وعقر من خيل الغز أربع وعشرون فرسا، وتولى القتال)(2) الأمير عزالدين بنفسه وصنوه شمس الدين أحمد بن عبد الله بن حمزة والأمير مخلص الدين جابر بن مقبل، فرمى فرسه بسهم ثم جال العدو عليه فمات شهيدا، وقتل معه جماعه منهم الشريف سالم بن علي بن محسن العباسي والقاضي محمد بن عمر بن علي العمراني وغيرهم.
وأصيبت حصان الأمير عز الدين بسهمين وأصيبت عينه اليسرى [بسهم](3) ولم يذهب بصره، وأصيب حصان شمس الدين في رجله بضربة وسهم في رأسه وطعنة في ساقه، فحينئذ أجفل الناس وانكسروا.
ولما عقر حصان شمس الدين تولى الدفاع عن شمس الدين أخوه علي بن المنصور وابن عمه عبدالله بن الحسن بن حمزة فوقع فيهما(4) طعن كثير وصوائب بالنشاب، ووقع في علي بن المنصور سهم في ظهره فبدا من صدره، وما زال يقاتل عن أخيه حتى وقف حصانه وترجل عنه وركب رديفا لرجل من جنده حتى تعلق بالخيل ثم ركب فرسا آخر.
صفحہ 196