القسم الثاني متن المخطوط محققا
[329] ذكر دولة بني رسول وتملكهم لليمن
صفحہ 68
لما توجه الملك المسعود (1) إلى جهة مصر، فتوفي في مكة، كما ذكرنا في دولة بني أيوب(2) كان قد استناب على اليمن الأمير نور الدين عمر بن علي بن رسول (3)، وجعل في صنعاء الأمير نجم الدين أحمد بن زكري (4) وكان اسم رسول محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحي بن رستم، قالوا: وهو من ولد جبلة بن الأيهم (1) بن جبلة بن الحارث بن أبي جبلة بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة [من بني عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء من الأزد بن الغوث](2)، وإنما نسبوا إلى التركمان(3) لأنهم سكنوا بينهم مع قبيلة منهم يقال لهم بيجك(4) فاختلطوا بهم، وتعلموا بلغتهم، وبعدوا عن العرب. وقيل: بل هم من التركمان لا من العرب وهو الصحيح(5) والله أعلم.
صفحہ 69
وكان علي بن رسول قد دخل اليمن هو وأولاده صحبة الملك العزيز طغتكين بن أيوب (1)، وجعل طغتكين علي بن رسول أمير الجيش، وكان له أربعة أولاد أكبرهم الأمير بدر الدين الحسن بن علي، والأمير شرف ا لدين موسى بن علي، والأمير فخر الدين أبو بكر بن علي(2) والأمير نور الدين عمر بن علي، وهو أصغرهم، وكان جدهم محمد بن هارون له وجاهة عند الخليفة العباسي صاحب بغداد، وكان يرسله إلى من يحب من الملوك في(3) الحوائج العظيمة فغلب عليه اسم رسول، وخفي على كثير من الناس اسمه، فأقام مدة في العراق، ثم انتقل إلى مصر بأولاده واستوطنها، ثم خرج(4) هو وأولاده إلى اليمن صحبة الملك العزيز كما ذكرنا.
ولما استناب الملك المسعود الأمير نور الدين عمر بن علي بن رسول على اليمن قام بملك اليمن، وأضمر في نفسه الاستقلال بالملك، وأظهر أنه نائب للملك المسعود، ولم يغير سكة(5) ولا خطبة، وجعل يولي في الحصون والمدن من يرتضيه، ويعزل من يخاف منه شقاقا، ومن ظهر منه عصيان أو خلاف عمل في قتله أو أسره.
صفحہ 70
ولما تسلم صنعاء وأعمالها(1)، أقطعها ابن أخيه أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول (2) فطلع الأمير نجم الدين أحمد بن زكري حصن براش(3) خائفا من السلطان نور الدين، وطلع السلطان نور الدين إلى صنعاء وأمر بالحطاط(4) على براش، وفيه الأمير نجم الدين أحمد بن زكري، وفي خلال ذلك وصل إليه الأشراف(5) إلى حصن ذمرمر(6) وهم الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة (7) وأولاده، والأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور(8) بالله -عليه السلام- وأخوته، ووهاس بن أبي القاسم فتحالفوا، وعقدوا صلحا بينهم، ولم يجر بينهم خلف ولا حرب إلى(1) أيام الإمام أحمد بن الحسين (2) -عليه السلام- سنة ست وأربعين وستمائة إلا مرة واحدة، وسأذكرها -إن شاء الله [تعالى](3)- على ما حكاه الخزرجي (4) وهي الوقعة التي أشار إليها السيد (5) -رحمه الله [تعالى](1)- بقوله وأمكنت من بني المنصور البيت(2)، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وأقر الاشراف على بلادهم جميعا، فلما افترقوا على الصلح اضطرب الأمير نجم الدين أحمد بن زكري(3) فراسل السلطان نور الدين، ونزل من حصن براش وسار صحبته إلى اليمن، ونزل صحبته أيضا الأمير أسد الدين إلى اليمن(4)، ثم رجع أسد [330] الدين إلى صنعاء.
صفحہ 73
وفي سنة تسع وعشرين طلع السلطان نور الدين إلى صنعاء مرة ثانية وتسلم حصن بكر(1) وكوكبان(2) وبراش وبعث إلى مكة المشرفة أميرا يقال له: ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة (3)، وهو أول جيش جهزه إلى الحجاز فنزلوا الأبطح، وحاصروا الأمير الذي فيها من قبل الملك الكامل (4)، وكان يسمى الدعيكيني(5)، فراسل أهل مكة الشريف راجح بن قتادة فمالوا إليه وإلى ابن عبدان، فلما أحس بذلك الدعيكيني خرج هاربا هو ومن معه إلى ينبع(6) وكان في ينبع رتبة(7) للملك(1) الكامل، فأقاموا هنالك، وأرسلوا إلى الملك الكامل إلى مصر وأخبروه بوصول العسكر من اليمن وما كان من أهل مكة، فجهز الملك الكامل عسكرا كثيفا، وقدم عليهم فخر الدين بن شيخ الشيوخ وأرسل إلى الشريف شيحة (2) أمير المدينة وإلى الشريف أبي الأسعد أن يكونا معه وكانا في خدمة الملك الكامل، فوصلوا إلى مكة وحاصروا ابن عبدان والشريف راجح وقاتلوهما، فقتل ابن عبدان وانكسر أهل مكة، وقتل من أهل مكة مقتلة عظيمة، ونهب مكة ثلاثة أيام، فلما علم الملك الكامل بما فعل فخر الدين غضب عليه وعزله واستدعاه إلى مصر، وأرسل بدله أميرا يقال له: ابن مجلي فوصل إلى مكة في سنة ثلاثين، وفي هذه السنة المذكورة أمر السلطان نور الدين بضرب السكة على اسمه، وأمر الخطباء أن يخطبوا له في سائر أقطار اليمن، وتسمي بالملك المنصور.
صفحہ 75
وفي سنة إحدى وثلاثين جهز خزانة عظيمة(1) وعسكرا كثيرا إلى مكة إلى الشريف راجح بن قتادة، فأخرج العسكر المصري منها، وأرسل بهدية كبيرة إلى الخليفة ببغداد، وكان الخليفة يومئذ المستنصر بن الظاهر (2) وهو والد المستعصم (3) وطلب منه تشريفا(4) بالولاية والنيابة كما جرت عادة الملوك، فعاد الجواب بأن التشريف يصلك إلى عرفة. فخرج السلطان من اليمن يريد الحج، فحج وهرب منه الشريف راجح بن قتادة والي مكة. وأرسل الخليفة بالنيابة والتشريف إليه صحبة الحاج العراقي، فخرج حاج العراق إلى بعض الطريق فقطعت العرب عليهم الطريق فاعتاق الحاج إلى أن فاتهم الحج، ورجعوا إلى بغداد، ولم يصل منهم أحد في ذلك العام(5).
صفحہ 76
وفي سنة اثنتين وثلاثين وصلت كسوة الكعبة من بغداد، ومعها رسول إلى السلطان نور الدين فعلق الكسوة ودخل اليمن، وأعلم السلطان نور الدين أن الكسوة والنيابة تصله، وأنها(1) في البحر على طريق البصرة فوصلته(2) النيابة والتشريف في السنة المذكورة، وفي هذه السنة وصل عسكر من مصر إلى مكة فأخذوها فخرج الشريف راجح وابن النصيري إلى اليمن.
فلما كان سنة ثلاث وثلاثين جهز السلطان نور الدين عسكرا إلى مكة، وقدم عليه الأمير شهاب الدين بن عبدان، فلما صاروا قريبا من مكة خرج إليهم العسكر المصري فالتقوا في موضع يقال له: الخريقين(3) بين مكة والسرين(4)، فانهزم جيش السلطان نور الدين سنة ثلاث وثلاثين، وأسر الأمير الشهاب(5) [331]بن عبدان، وأرسل به إلى مصر(6).
صفحہ 77
وفي سنة أربع وثلاثين تسلم السلطان نور الدين حصون حجة(1) وما إليها، والسبب في ذلك أن الأمير تاج الدين محمد بن الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة أراد أخذ كوكبان فعامل فيه(2) ودخله أصحابه، وكان في الحصن رتبة من الخيل والرجال فبادروهم، قبل أن يتثبتوا فيه، فقتل منهم جماعة، وبعضهم تردى في الحيد(3) فلما علم السلطان نور الدين بذلك وأن الأشراف قد نقضوا الصلح، خرج من زبيد(4) وقدم أمامه الأمير نجم الدين أحمد بن زكري، وسار نحو حجة في ستين ألفا، فاستولى على حجة والمخلافة(5) وحصونهما في يوم واحد وأخذ حصن منابر(6) وهو مما يلي تهامة(7) ، وكان للأشراف، وأخذ حصون جبع(1) جميعها ولاعتين(2)، وكان الأمير تاج الدين محمد بن يحيى بن حمزة في حصن الجاهلي بحجة، فخاف على نفسه فباع حصون المخلافة جميعها، ورجع السلطان نور الدين، وقد أخذ أكثر بلاد الأشراف، ثم وصل إلى السلطان بعد مدة فخر الدين جعفر بن أبي هاشم (3) والشيخ حسام الدين حاتم بن علي الجند (4) من جهة الأشراف، وسألوه المصافحة(5) فاسعدهم(6) إلى ذلك، وأرجع السلطان نور الدين إلى الأشراف بلادهم حجة وغيرها ورجع إلى تهامة(7).
وفي سنة خمس وثلاثين خرج السلطان نور الدين إلى مكة المشرفة، فخرج منها الجيش المصري هاربين إلى مصر، وكانت مكة في ذلك الوقت ميدان حرب بين صاحب مصر وبين السلطان نور الدين يخلف أحدهما الثاني فيها مرة بعد أخرى، وهلك الملك الكامل صاحب مصر لعله في سنة خمس وثلاثين وستمائة والله أعلم(8).
صفحہ 79
وتولى بعده ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل (1)، وكان الحال بينه وبين السلطان نور الدين كما كانت في حياة أبيه، ومكة المشرفة ميدان حرب كذلك، وروي أن السلطان نور الدين دخل إلى مكة ثماني سنين، وأمر بعمارة البرك(2) وهو جبل متصل بساحل البحر ما بين مكة واليمن، ورتب فيه العساكر لمحاربة بني أيوب، وهو الذي أرسل معيبد بن عبدالله الأشعري (3) إلى موسى بن علي الكناني (4) صاحب حلي بن يعقوب(5) بأن يتصدى لحرب بني أيوب [قال الخزرجي: وفي سنة أربعين وستمائة مات الخليفة المستنصر بالله العباسي وتولى بعده ولده المستعصم بالله](6).
صفحہ 80
قال الخزرجي(1): وفي سنة ست وأربعين كانت دعوة الإمام الشهيد أحمد بن الحسين [عليه السلام](2)، وحط على المخلافة وكان واليها يومئذ القاضي عمارة بن علي الاصبهاني (3) من قبل السلطان نور الدين. وكانت حصون حجة بأيدي الشرفاء أولاد محمد بن يحيى بن حمزة وأرسل(4) الأمير أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول إلى الإمام أحمد بن الحسين -عليه السلام- على نصرته والقيام معه، وقد كان بينه وبين عمه السلطان نور الدين منافرة، فأجابه الإمام -عليه السلام- إلى ذلك، ودخل في طاعة الإمام وأقام الفتنة والحرب على عمه السلطان نور الدين، ثم انقلب أسد الدين بعد مدة إلى عمه السلطان نور الدين، (وتولى حرب الإمام -عليه السلام- وكانت الوقعات [332] الكبار بين الإمام -عليه السلام-، وبين نور الدين وأسد الدين في نواحي صنعاء وكوكبان وغيرهما، ووصل الأمير شمس الدين أحمد بن يحيى بن حمزة إلى السلطان نور الدين إلى صنعاء، داخلا في طاعته، فأكرمه وجعل له حصن بكر.
صفحہ 81
خالفت البلاد على السلطان)(1) [نور الدين](2) وافترق عسكره من الغز(3) والعرب وهربوا إلى الإمام -عليه السلام-. ثم كانت وقعة قارن(4) بين الإمام -عليه السلام- وبين بني حمزة.
صفحہ 82
وقتل الملك المنصور نور الدين تاسع ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وستمائة، وثب عليه مماليكه(1) فقتلوه بقصره في الجند(2)، وكان الذي شجعهم على ذلك الأمير أسد الدين محمد بن الحسن بن علي بن رسول، وذلك أنه كان قد أقطعه عمه الملك المنصور صنعاء وأعمالها، فأراد أن يعزله ويجعلها لولده المظفر بن يوسف (3)، فلما قتل السلطان نور الدين سار المماليك بأسرهم إلى زبيد، ثم ساروا منها إلى فشال(4)، وكان فيها الأمير فخر الدين أبو بكر بن الحسن بن علي بن رسول مقطعا(5)، فلقبوه المعظم وحلفوا له(6). وقصدوا مدينه زبيد وحاصروها، وكان السلطان الملك المظفر يومئذغائبا بالمهجم(7) مغاضبا لأبيه، وكان قد هم بالمسير إلى العراق، فلما بلغه العلم بوفاة أبيه انثنى عزمه عن الخروج عن اليمن، وتحير في أمره وضاق لما عرض له من الحوادث، وانحياز المماليك بأسرهم إلى الأمير فخر الدين ، وحصارهم لزبيد، واستيلاء الأمير أسد الدين على صنعاء وأعمالها، وظهور كلمة الإمام أحمد بن الحسين -عليه السلام- في البلاد العليا(1) وانتشار صيته واستيلاؤه على معظم البلاد وحصونها(2)، فعزم الملك المظفر على المسير إلى زبيد(3) في ذي القعدة سنة سبع(4) وأربعين وستمائة، وكلما مر بقبيلة من العرب(5) استخدم خيلها ورجلها. وسار في خدمته من رؤساء العرب الشيخ علي بن عمران القرابلي، والشيخ محمد بن زكري وغيرهما. وكان الشيخ علي بن أبي بكر السوادي ويلقب مخلص الدين وزير الملك المظفر، فلما قرب المظفر من زبيد اضطرب أصحاب الأمير فخر الدين، فكتب إليهم المظفر على أن لهم الأمان، بشرط أن يقبضوا على الأمير فخر الدين والجماعة الذين قتلوا والده نور الدين، (فأجابوه إلى ذلك، وقبضوا على الأمير فخر الدين في خيمته، وقبضوا الجماعة الذين قتلوا السلطان نور الدين)(6) وساروا بأجمعهم إلى السلطان المظفر(7).
صفحہ 84
وفي أثناء هذه المدة ((1)اتفق الإمام -عليه السلام- والأمير شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة -عليه السلام-، وقصدا الأمير أسد الدين إلى صنعاء، فأخرجاه منها إلى براش، ودخلا صنعاء، واستولى الإمام -عليه السلام- على صنعاء وأعمالها وعلى ذمار(2) وجهاتها. وكان الأمراء الحمزيون معه وهو غير واثق بهم هكذا ذكره الخزرجي(3).
صفحہ 85
وبقي الأمير أسد الدين في براش، فلما اشتد عليه الأمر راسل الأمير شمس الدين علي أن يصلح بينه وبين الإمام [عليه السلام](1) واتفق الرأي على أن الإمام -عليه السلام- يجهز الأمير أسد الدين إلى اليمن لحرب ابن عمه المظفر فإذا قد صار قريبا[333] من السلطان، أصلح بنو حاتم(2) بينه وبين السلطان، فأتفق الأمر على ذلك بينه وبين الأمير شمس الدين، ولم يشعر الإمام -عليه السلام- بذلك، فقبل الإمام -عليه السلام- أسد الدين وجهزه الإمام -عليه السلام- إلى اليمن، وصار في صحبة الأمير شمس الدين أحمد، وابن علوان وغيره من بني حاتم، والأمير عبدالله بن سليمان بن موسى(3)، فلما صار مقابلا للملك المظفر، سعى بنو حاتم وغيرهم بينهم في الصلح حتى انتظم. ثم أن السلطان جهز مائة فارس إلى صنعاء والزم الأمير أسد الدين الرجوع إليها(4) فساروا إليها، فلما بلغ الإمام -عليه السلام- [ذلك](5) جهز عسكرا إلى نقيل الغابرة(6) يمنعهم من طلوع النقيل، فلم يثبتوا، فخرج الإمام -عليه السلام- من صنعاء إلى سناع(7) بعد أن أخرب قصر الأمير أسد الدين، وقصر أخيه فخر الدين، وترك السيد الحسن بن وهاس الحمزي(1) وأخاه محمد وغيرهما من الأشراف والعرب رتبة في صنعاء، فقصدهم الأمير أسد الدين فأخذهم، وأطلعهم حصن براش. ثم طلع السلطان المظفر إلى صنعاء في ذي الحجة من هذه السنة(2).
صفحہ 87
وفي المحرم من سنة تسع وأربعين، قدم الأمير بدر الدين الحسن بن علي بن رسول وأخوه فخر الدين أبو بكر بن علي بن رسول، قدما من مصر، وكانا محبوسين، فاطلقهما صاحب مصر(1) فأوجب ذلك الصلح بين الإمام -عليه السلام- وبين المظفر. وسار المظفر مسرعا في لقائهما، فالتقوا في مدينة حيس(2) فلما قربا منه، ترجل لهما وترجلا له، وتسالموا جميعا، ثم ركبوا دوابهم، فلما اطمأنوا في القصر بحيس، أرسل المظفر جماعة من المماليك فامسكوهما، وامسك معهما محمد بن خضر(3) فقيدهم، واطلعهم إلى حصن تعز(4) فلما دخلوا باب الحصن، قال الأمير بدر الدين: قبحك الله من قلعة، خرجنا منك مقيدين ورجعنا إليك مقيدين. وقد كان هناك محبوسا قبلهم الأمير فخر الدين أبو بكر بن الأمير بدر الدين الحسن بن علي بن رسول، وهو أول من حبس منهم(5).
صفحہ 88
وبعث المظفر برسالة إلى خليفة بغداد صحبة جعفر بن أبي الفهم(1) وقيل غيره وسار على طريق براقش(2)، وسلك طريق الرمل، فروي أنه وصل إلى بغداد في أربعة عشر يوما، فأوصل الرسالة وطلب منشورا بولاية اليمن للمظفر ففعل الخليفة العباسي ذلك وهو يومئذ المستعصم بن الطاهر، وكتب جوابه إلى المظفر يأمره باستئصال الإمام أحمد بن الحسين -عليه السلام-. فلما استشهد الإمام -عليه السلام- كتب المظفر [كتابا](3) إلى خليفة بغداد يخبره بذلك، فلما بلغ الرسول براقش وصله الخبر بقتل الخليفة المستعصم ودخول التتر(4) بغداد(5).
صفحہ 89
وفي سنة خمسين وستمائة دخل الأمير أسد الدين في طاعة الإمام -عليه السلام- وباع حصن براش من الإمام، وسيره الإمام -عليه السلام- في عساكر إلى ذمار ولقيهم هناك عساكر المظفر، فانحاز الأمير أسد الدين ومن معه من العساكر إلى السواد(1) ولزموا الجبل وأرسلوا إلى الإمام -عليه السلام- يطلبون منه المدد، فأمدهم بالأمير شمس الدين أحمد بن المنصور بالله [عليه السلام](2) في عساكر كثيفة من بني شهاب(3) وسنحان(4) وغيرهم، فوقع بينهم وقائع مشهورة عظيمة [334] استظهر فيها اصحاب الإمام -عليه السلام-، فرجعت عساكر المظفر خائبة مكسورة إلى اليمن. ثم انقلب الأمير أسد الدين إلى إخوته الغز واستعطف المظفر فقبله، وأجابه إلى ما طلب وجهزه لقتال الإمام -عليه السلام- إلى صنعاء، فخرج الإمام -عليه السلام- من صنعاء، ثم وصل المظفر إلى صنعاء في سنة إحدى وخمسين.
صفحہ 90
وفي هذه السنة انقلب الأمير شمس الدين بن المنصور -عليه السلام- إلى الغز، هو وبنو عمه فاستنصروا بالمظفر على الامام [عليه السلام](1) فأمر المظفر الأمير أسد الدين معهم لحرب الإمام -عليه السلام- في ذي الحجة من هذه السنة، وساروا إلى براقش ثم ساروا جميعا فحطوا على الزاهر(2) فأخذوه وأخربوه، ثم ساروا إلى صعدة(3)، وكان الإمام -عليه السلام- يومئذ فيها، فخرج إلى علاف(4) وترك فيها الحسن بن وهاس، رتبه في نصف العسكر والنصف الثاني معه في علاف، فأقامت المحطة على صعدة نحوا من شهر والقتال بينهم في أكثر الأيام، وفي خلال هذه المدة فقئت عين الأمير جمال الدين علي بن عبدالله بن الحسن بن حمزة(5) ثم دخل الغز صعدة وأسروا الشريف حسن بن وهاس(6) ومن معه، ونهبوا صعدة نهبا شديدا، وفعلوا فيها أفعالا عظيمة، ثم رتبوا في صعدة الأمير عزالدين محمد بن أحمد بن الإمام المنصور بالله -عليه السلام- وهبة بن الفضل(1) وشحنوا براش صعدة شحنة عظيمة، وعاد الأمير شمس الدين وأسد الدين ومن معهم من الغز إلى صنعاء، وادخلوا الأسرى معهم صنعاء في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة(2).
صفحہ 92
وفي شهر شعبان من هذه السنة أمر المظفر الأمير أسد الدين أن يسير صحبة الأمير شمس الدين إلى الظاهر (1)، ويقصدوا بلاد حاشد(2)، وهي من مخلاف بن وهاس، خربوا فيها مواضع، ثم نهضوا إلى مصنعة(3)[بياض](4) ونهضوا إلى البون(5)، ثم أخذوا موضعا يسمى الأبرق(6)، ثم قصدوا الإمام أحمد بن الحسين -عليه السلام- إلى موضع من بلاد حمير(7) يسمى الهجر من بلاد بني قطيل(8)، فوقع القتال بينهم في جوانب نقيل الحصبات(9)، وكانت وقعة كبيرة استشهد فيها الفقيه الفاضل العالم حميد بن أحمد المحلي(10) -رحمه الله-، وهو من علماء الزيدية)(1) وفضلائها، وله التصانيف المفيدة في علم الأصول والفروع وغيرهما. واستشهد معه من الفقهاء والشيعة جماعة، وأسر في هذه الوقعة الأمير شمس الدين أحمد بن يحيى بن حمزة(2)، وكان مع الإمام -عليه السلام- محاربا لبني عمه. وانتقل الإمام -عليه السلام- إلى حصن حلب(3) بالمصانع من بلاد حمير، ثم رجع الأمير أسد الدين [والأمير شمس الدين](4) إلى صنعاء في شهر رمضان من السنة المذكورة(5).
صفحہ 94
وفي شهر شوال منها جهز المظفر(1) الأمير مبارز الدين الحسين بن علي بن برطاس(2) في مائتي فارس إلى مكة، فلقيه الأشراف على باب مكة فكسرهم، وقتل منهم جماعة، ودخل مكة وحج بالناس. وفي هذا الشهر(3) تجهز الأمير شمس الدين أحمد بن [الإمام](4) المنصور بالله -عليه السلام- هو وأخوه داود(5) وجماعة(6) من بني حمزة إلى السلطان المظفر إلى زبيد. فخرج السلطان[335] في لقائهم، وأكرمهم وأقاموا عنده شهرا وأطل عيد الأضحى وهم عنده، وقال الأمير شمس الدين يومئذ يمدح السلطان المظفر:
لعل الليالي الماضيات تعود ... فتبدوا نجوم الدهر وهي سعود
القصيدة بطولها، ومنها:
فكيف بمن أمسى(7) ظفار محله .... ومن بات قد حالت عليه زبيد
هواي بنجد والمنى بتهامة .... متى يلتقي بالمتهمين نجود
ومنها:
ولما قصدت الملك ذا التاج يوسفا .... علمت بأن الهم ليس يعود إلى آخرها.
صفحہ 95