كالطرف يستحلي الوجوه ووجهه ... أدنا إليه وهو عنه مغيب وفي بعض الكتب المتقدمة: يا ابن آدم لك مخلاتان مخلاة خلفك ومخلاة أمامك، ففي التي خلفك عيوبك، وفي التي أمامك عيوب غيرك، فلو نظرت في التي خلفك شغلتك عن التي أمامك.
وقال حكيم لحكيم: والله إني لأحبك في الله، فقال له الآخر: لو علمت مني ما علمت من نفسي لأبغضتني في الله، فقال له الأول: لو علمت منك ما علمته من نفسك لكان فيما أعلم من نفسي شغلا عما أعلم من نفسك.
البحث الخامس فيما يقع به التخلص للمغتاب والسامع من إثم الغيبة
أما المغتاب فعليه مع التوبة أن يستحل ممن نقصه إن كان الغيبة قد بلغته لما مر، وإن لم يكن قد بلغته لم يحتج إلى الاستحلال منه، بل قد قيل: إنه لا يجوز إعلامه لما فيه من إدخال الحرج في صدره.
وأما السامع للغيبة فعليه أن ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، وإن قدر على القيام أو قطع الكلام فعليه ذلك، فإن قال بلسانه أسكت وهو مريد للغيبة فذلك نفاق.
قال بعض العلماء: إن الغيبة على أربعة أوجه، كفر حيث اغتاب مسلما، فقيل له: لا تغتب، فيقول مستحلا هذا ليس بغيبة، وإنه صادق في ذلك فقد استحل ما حرم الله، ونفاق حيث اغتاب مسلما ولم يسمه عند من يعرف أنه يريد فلانا فهو يغتابه ويرى من نفسه أنه متورع، ومعصية حيث اغتاب شخصا مسلما معينا، غير مستحل لها، ومباح حيث اغتاب فاسقا معلنا بفسقه، بل مأجور إن اغتابه ليحذر منه الناس.
صفحہ 15