وبعد برهة أتى رئيس الدير، فزالت الغوغاء من القصر وساد السكون والخشوع فيه، وخلا جلالته برئيس الدير ما بقي من ذاك الليل.
وعند الصباح أمر جلالته أن تقفل أبواب القصر ولا يدخل إليه أحد، ثم دعا جميع أصفيائه وجميع رهبان الدير، فأحاطوا به في ردهة من القصر وأمرهم أن يخلعوا الثياب عن أكتافهم، وأن يجلدوا أنفسهم بالسياط تكفيرا عن خطاياه، وكان هو أول من بدأ بنفسه، فلم يجدوا بدا من الاقتداء به، وكلهم يجهل السبب في انقلاب جلالته وبلوغه إلى هذا الحد من التعبد، فخلعوا ثيابهم وجعلوا يجلدون أنفسهم إرضاء لمولاهم.
وأحب شيكو أن يمزح حسب عادته، فبدرت إليه نظرة هائلة من جلالته تفيد أن ليس هذا وقت المزاح.
فحبس لسانه عن الكلام وأخذ سوطا قويا في يده، ولكنه بدلا من أن يجلد نفسه جعل يجلد سواه، فلا تسمع غير صائح من وقع ضرباته القوية وهو لا يعلم من أين ينهال عليه هذا الضرب الموجع.
وداموا على ذاك ساعة حتى كلت أيديهم، وكادت أن تدمى أبدانهم، فأمرهم جلالتهم أن يذهبوا معه حفاة الأقدام إلى زيارة الدير، فذهبوا بصحبته، وأقاموا في ذاك الدير يصلون ويبتهلون إلى الله كي يغفر لجلالته ذنوبه إلى أن غابت الشمس، فرجع بهم إلى القصر حيث عادوا فيه إلى الجلد بالسياط إلى أن دنت ساعة الرقاد، فأذن لهم بالانصراف، ولم يبق لديه غير شيكو.
وإنما أبقاه ليقرأ له بعض فصول من الكتاب المقدس، أمره بتلاوتها رئيس الدير قبل أن ينام.
فانصرف الجميع وفيهم سانت ليك، الذي كان جلالته انتدبه إلى هذه المهمة التي انتدب إليها شيكو فأبى.
الفصل السابع
خوف الملك لأنه قد خاف، وخوف شيكو من أن يخاف
ولما خلا جلالته مع شيكو في غرفة نومه، قال: أنت يا شيكو موضع ثقتي، والآن لقد وددت أن أجعلك موضع سري فأبيح لك بما لم أجسر أن أبيح به لسواك، لما أعلمه من إخلاصك، فأنت الصديق الوحيد.
نامعلوم صفحہ