الأرزاء التي نحتملها ستكون إكليلا لفخرنا.
هذا ولو علم «كيتس» ذلك البلبل الصداح أناشيده لم تزل تبث روح محبة الجمال في قلوب البشر لقال: «احفروا على لوح قبري: هنا بقايا من كتب اسمه على أديم السماء بأحرف من نار».
بين الخرائب
وشح القمر تلك الخمائل المحاطة بمدينة الشمس برقعا لطيفا، وظفر الهدوء بأعنة الكائنات، وبانت تلك الخرائب الهائلة كأنها جبار يهزأ بعاديات الليالي.
في تلك الساعة انبثق من لا شيء خيالان يشبهان أبخرة متصاعدة من بحيرة زرقاء، وجلسا على عمود رخامي استأصله الدهر من ذاك البناء الغريب يتأملان بمحيط يحاكي مسارح السحر، وبعد هنيهة رفع أحدهما رأسه وبصوت يشبه الصدى الذي تردده خلايا الأودية البعيدة قال: «هذه بقايا هياكل بنيتها من أجلك يا محبوبتي، وتلك رمم قصر رفعته لاستحسانك، وقد دكت ولم يبق منها سوى أثر يحدث الأمم بمجد صرفت الحياة لتعميمه، وعز استخدمت الضعفاء لتعظيمه. تأملي يا محبوبتي فقد تغلبت العناصر على مدينة شيدتها، واستصغرت الأجيال حكمة رأيتها، وأضاع النسيان ملكا رفعته، ولم يبق لي سوى دقائق المحبة التي أولدها جمالك، ونتائج الجمال الذي أحياه حبك، بنيت هيكلا بين أضلعي للمحبة فقدسه الله ولن تقوى عليه القوات، صرفت العمر مستفسرا ظواهر الأشياء مستنطقا أعمال المادة، فقال الإنسان: «ما أحكمه ملكا!» وقالت الملائكة: «ما أصغره حكيما!» ثم رأيتك يا محبوبتي وغنيت فيك نشيد محبة وشوق، ففرحت الملائكة أما الإنسان فلم ينتبه. كانت أيام ملكي كالحواجز بين نفسي الظمآنة والروح الجميل المستقر في الكائنات، ولما رأيتك استيقظت المحبة وهدمت تلك الحواجز فأسفت على عمر صرفته مستسلما لتيارات القنوط، حاسبا كل شيء تحت الشمس باطلا، حبكت الدروع وطرقت التروس، فخافتني القبائل، ولما أنارتني المحبة احتقرت حتى من شعبي، ولكن عندما جاء الموت أودع تلك الدروع والتروس التراب وحمل محبتي إلى الله».
وبعد سكينة قال الخيال الثاني: «مثلما تكتسب الزهرة عطرها وحياتها من التراب، كذلك تستخلص النفس من ضعف المادة وخطاها قوة وحكمة».
عندئذ تمازج الخيالان وصارا خيالا واحدا وسارا، وبعد هنية أذاع الهواء هذه الكلمات في تلك الأنحاء: «لا تحفظ الأبدية إلا المحبة لأنها مثلها».
رؤيا
أرفع هذه الرسالة إلى الفيكونتس (س.ل)
جوابا على رسالة أكرمتني بها
نامعلوم صفحہ