زواجها من جديد. (2)
قصة «أريودانت وجنيفره» التي نقلها إلى الإنجليزية السير «هارنجتون» في عام 1591 من الجزء الخامس من قصص «أريوسطو» وهو الجزء الخاص برواية «أورلاندوفيرويوزو»، وكانت قد ظهرت لها ترجمة قديمة في عام 1565، ولكن لا نحسب شكسبير اطلع عليها أو استمد منها موضوعه.
ولم يكن اقتباسه منها كثيرا، فقد أخذ حكاية اختباء كلوديو في الحديقة ليطلع بعينيه على خيانة حبيبته، كما استمد تمثيل مرجريت لدور «هيرو» إفكا وبهتانا.
أما المكيدة وشخصيتا بياتريس وبنيديك، ومحاوراتهما البديعة ومواقفهما الممتعة، وأدوار «دوجبري»، وصاحبه والحراس والمشاهد الفكهة التي حوتها القصة فهي جميعا من مبتكر الشاعر العبقري ووحي خاطره الخصيب ... (2) أبطال القصة
يحسن قبل أن يبدأ المرء قراءة القصة أن يعرف شيئا عن شخصيات أبطالها، والصلة بينهم، ومعالم أخلاقهم ومنازعهم حتى تتفتح له فصولها، ويسهل عليه متابعة مشاهدتها، وما نحسب أحدا يجد روحا إلى حديث إنسان، أو سكونا إلى مجلسه، إذا لم يؤت علم شيء عن ماضيه، أو حاضره، أو مكانه من الناس.
ونحن هنا محاولون أن نرسم معالم الأشخاص، في غير استطراد، تاركين القصة ذاتها تتكشف لهم عند التنقل بين مشاهدها المتتابعة. (3) مدار الأحداث
تدور القصة حول واقعتين غراميتين، يصح أن تعد كل واحدة منهما منفصلة من الأخرى، وإن اختلطتا وترابطتا؛ لأنهما مختلفتان اختلافا بعيد المدى، حتى لتستمد كل واقعة من تناقضها والأخرى قوة وتزداد توكيدا، وليس من شك في أن أهمهما شأنا، لجد موضوعها وخطر أمرها، هي حب كلوديو وهيرو، فهي تبدأ (غراما) ثم تكاد تنقلب إلى مأساة قبيل أدوارها الختامية؛ وأما الأخرى، وهي غزل يبدأ سخرية، ثم يتطور حتى ليتراءى أشبه بكراهية ويتخلله مجون، ومطارحة بعبث، واستهزاء، ثم ينتهي هو أيضا بحب وإعلان، بعد مداراة وكتمان، ثم إلى زفاف وقران.
ولا ريب في أن كلوديو، هو البطل الأول، فلا معدى من إحلاله في الطليعة عند رسم شخصيات الأبطال.
كلوديو:
هو فتى من فلورنسا أصاب حظوة بالغة عند «دون بدرو» أمير أراجون، فهما لا يكادان يفترقان، حتى لقد أحفظت هذه الحظوة أخا للأمير يدعى «دون جون» وجعلته يعتقد أن هذا الفتى قد قام على أنقاضه. وأكبر الظن أن هذا التوفيق الذي أصابه كلوديو أثار في نفسه شيئا من الاعتداد بنفسه، حتى بدا شديد المخافة على كرامته، يخشى أن يتأذى كبرياؤه من أقل بادر، فلم يكد يوحي «دون جون» بأن هذا قد غدر به وراح يطلب الفتاة لنفسه، حتى اصطنع الاستخفاف بالأمر، ليخفي الجرح الذي أدمى كبرياءه قبل أن يمس حبه، وحين عاد هذا الذي ينفس عليه مكانه عند أخيه يحدثه عن خيانة «هيرو» ثار لكرامته، ولم يتريث حتى يتأكد الحق. ولكنا لم نلبث أن رأيناه حين حصحص الحق، يعترف بخطئه، ويرتضي أي عقاب يفرض عليه تكفيرا واستغفارا من فعلته.
نامعلوم صفحہ