قال ابن رجب على الحديث: المراد أنه يئس أن تجتمع الأمة كلها على الشرك الأكبر. وأشار ابن كثير إلى هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ﴾ [المائدة: ٣] قال ابن عباس ﵄: يعني يئسوا أن تراجعوا دينهم (١) – وكذا قال عطاء والسدي ومقاتل- قال: وعلى هذا يرد الحديث الصحيح: " إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب" (٢) .ا. هـ. فأشار إلى أن (٣) معنى الحديث يوافق لمعنى الآية، وإن معنى الحديث أنه يئس أن يرجع المسلمون عن دينهم إلى الكفر. قال غير واحد من المفسرين: إن المشركين كانوا يطمعون في عودة المسلمين إلى دينهم. فلما قوي الإسلام وانتشر يئسوا من رجوعهم عن الإسلام إلى الكفر، وهذا معنى إياس الشيطان لما رأى من ظهور الإسلام وانتشاره وتمكنه من القلوب ورسوخه فيها، وعلى هذا فلا يدل الحديث: أن الشيطان يئس من وجود شرك في جزيرة العرب أبد الآبدين.
ويدل لما ذكرنا ما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس ﵄ قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة رنّ إبليس رنّة اجتمع إليه جنوده فقال: ايئسوا أن تردوا أمة محمد إلى الشرك بعد يومكم هذا، ولكن افتنوهم فافشوا فيهم النوح (٤) .
_________
(١) انظر تفسير الطبري ٦/٧٨.
(٢) لفظ ابن كثير في تفسيره (وعلى هذا المعنى يرد الحديث الثابت في الصحيح) ٢/١٢.
(٣) حرف (أن) سقط من المخطوطة.
(٤) لم أجده في مسند أحمد- بعد بذل الجهد في تحصيله- وأخرج هذا الأثر الطبراني في الكبير١٢/١١ قال ﵀ حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عمرو بن العباس الرزي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ... فذكره- وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن أبي المغيرة القمي نقل ابن شاهين في الثقات ص ٥٥ عن أحمد توثيقه. وبيض له ابن أبي حاتم في الجرح =
1 / 35