ثم قد أخبر أنه نفخ فيه من روحه ولم يرد إلا الوضع بالفعل والتكوين والمعنى نفخت أنا ويكفي شرف الإضافة إذ لا يليق بالخالق جل جلاله سوى ذلك لأنه لا يحتاج أن يفعل بواسطة فلا له أعضاء وجوارح يفعل بها لأنه الغني بذاته فلا ينبغي أن يتشاغل بطلب تعظيم آدم مع الغفلة عما يستحقه الباري سبحانه من التعظيم والتنزيه بنفي الأبعاض والآلات في الأفعال لأن هذه الأشياء صفة الأجسام وقد ظن بعض البله أن الله يمس حتى توهموا أنه مس طينة آدم بيد هي بعض ذاته وما فطنوا أنه من جملة مخلوقاته جسما يقابل جسما فيتحد به ويفعل فيه ومن السحر من يعقد عقدا فيتغير به الشيء حالا وصفة أفتراه سبحانه جعل أفعال الأشخاص والأجسام تتعدى إلى الأجسام البعيدة ثم يحتاج هو في أفعاله إلى معاناة الطين
وقد ورد قول من قال هذا بقوله تعالى
ﵟإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكونﵞ
آل عمران 59
4 ومنها قوله تعالى
ﵟويحذركم الله نفسهﵞ
آل عمران 28 وقوله تعالى على لسان عيسى
ﵟتعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسكﵞ
المائدة 116
قال المفسرون ويحذركم الله إياه
وقالوا تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك
قال المحققون المراد بالنفس ها هنا الذات ونفس الشيء ذاته وقد ذهب القاضي أبو يعلى المجسم إلى أن لله نفسا وهي صفة زائدة على ذاته
قلت وقوله هذا لا يستند إلا إلى التشبيه لأنه يوجب أن الذات شيء والنفس غيرها وحكى ابن حامد المجسم أعظم من هذا فقال ذهبت طائفة في قوله تعالى
ﵟونفخت فيه من روحيﵞ
الحجر 29 إلى إن تلك الروح صفة من ذاته وأنها إذا خرجت رجعت إلى الله تعالى
قلت وهذا أقبح من كلام النصارى فما أبقى هذا من التشبيه بقية
صفحہ 117