قال بعض المحققين وهذا العلم فضلا عن كونه لازما للطبيب والصيدلاني لا بد منه أيضا في حسن التربية ، فإن دراسته تكسب العقل قوة واتقانا وملكة يحكم بها حكما جيدا وتصرفا تاما ، وبالمعارف المكتسبة من هذا العلم نقف إجمالا على معرفة هيئة السماوات والأرض والفراغ والزمن والمادة معرفة تامة على معرفة هذا العالم العجيب الانتظام، وبه يمكننا التوصل أيضا إلى معرفة الأسباب والنواميس العامة المفتقرة إليها جميع ما تبرزه القدرة الإلهية إلى حيز الظهور، ومعرفة الظواهر التي تحدثها الآلات التي اخترعها الإنسان بعقله،وبذلك نرتقي إلى درجات توصلنا لمعرفة الباري سبحانه اه وفائدة هذا الفن ، أولا تكميل القوة النظرية بالوقوف على بعض ما أودع الله في هذا العالم البديع من الأسرار؛ فيزداد معرفة بحكمة العليم الحكيم المريد القادر الذي لا تحيط به الأفكار فيقبل عليه بكليته قائلا:( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) ( آل عمران / 191)
ثانيا: الاستمتاع بما ينشأ عنه من الأمور الجمة المنافع التي لها مدخل في كثير من الصنائع .(1)
من الغلط الفادح أن يقول عاقل أن هذا الفن يوصل إلى الكفر، وهو على ما ذكرنا يوصل إلى استكشاف آيات الله في الكون وتسخير منافعها وقد أخبر تعالى على سبيل الامتنان والتذكير بنعمه بقوله:( خلق لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا ) وقوله ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
فكفر بعض المتعلمين بالمدارس الأوروبية ولا سيما الكنيسية ناشيء عن هجرانهم وعدم تحصيلهم لما لا يسع جهله من الدين،فشبوا بين الأجانب الذين يفرسون فيهم سموما منافية للإسلام ، وذلك منهم لا يقدح في العلم وإنما هو جناية عليهم ، والعلم نور وهدى ولا يعقل أن مرارة العسل في فم المريض فساد له ،كلا وإنما هو شفاء للناس .ومن الأدلة القاطعة على حث المولى عز شأنه لنا على العمل بسننه في الكائنات قوله عظمت قدرته:( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) ( الحديد / 25)
(1) الشيخ طاهر الجزائري في ( الفوائد الجسام ) ، وهو من الكتب النافعة في هذا الفن .
صفحہ 43