چشم تفسیر
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
اصناف
قوله (واللاتي يأتين الفاحشة) أي الزنا وهي المرأة الثيب (من نسائكم) مبتدأ، خبره (فاستشهدوا) أي اطلبوا للشهادة «1» (عليهن أربعة منكم) أي من المسلمين الأحرار العدول (فإن شهدوا) عليهن بالزنا (فأمسكوهن) أي احبسوهن (في البيوت حتى يتوفاهن الموت) أي يقبضهن «2» ملائكة الموت فيمتن في السجن (أو يجعل الله لهن سبيلا) [15] أي طريقا يخرجن «3» من الحبس وهو بأن تنكح فانه غنية عن السفاح أو بأن يظهر الحد بالوحي، ثم صار حدهن الرجم بقوله عليه السلام: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» «4»، والأكثر على «5» أنه لا جلد على المحصن مع الرجم، وقالوا: الجلد منسوخ، فنسخ الحبس بالرجم «6»، لأنه كان في ابيداء الاسلام إذا زنت المرأة حبست حتى تموت ولم يكن الحد مشروعا «7».
[سورة النساء (4): آية 16]
والذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما (16)
ثم ذكر حد البكرين فقال (والذان) أي الرجل والمرأة اللذان لم يحصنا، بتخفيف النون وتشديدها «8» (يأتيانها) أي الفاحشة (منكم) أي من المسلمين الأحرار (فآذوهما) باللسان، يعني سبوهما بتفسير ابن عباس رضي الله عنه «9» ليندما على ما فعلا (فإن تابا) من الفاحشة (وأصلحا) العمل «10» (فأعرضوا عنهما) أي لا تؤذوهما بعد التوبة (إن الله كان توابا) أي قابلا للتوبة متجاوزا عن الذنوب (رحيما) [16] لمن أطاع أمره، ثم نسخ الإيذاء بالجلد لقوله تعالى «الزانية والزاني» «11» الآية «12».
[سورة النساء (4): آية 17]
إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (17)
(إنما التوبة) أي المتقبلة مبتدأ، خبره (على الله) أي واجب قبولها عليه (للذين يعملون السوء) أي المعصية (بجهالة) أي جاهلين، حال من الضمير في الظرف، قيل: «اجتمعت الصحابة إن كل ما عصى الله به فهو جهالة عمدا كان أو سهوا وكل من عصى الله تعالى فهو جاهل» «13»، وقيل: الجهالة اختيار اللذة الفانية على اللذة الباقية «14» (ثم يتوبون من قريب) أي من زمان قريب، يعني قبل مرض موته أو قبل معاينة ملك الموت، و«من» للتبعيض، قال عليه السلام: «إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» «15»، أي ما لم يبلغ الروح الحلقوم (فأولئك يتوب الله عليهم) تأكيد «16» لقوله «إنما التوبة»، أي يقبل توبتهم البتة وهو عدة من الله بأن يفي بما وجب عليه كرما ولطفا (وكان الله عليما حكيما) [17] أي عالما بأهل التوبة يحكم بقبولها بشرط الاستغفار بالقلب واللسان، قال عليه السلام: «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في
صفحہ 202