مقام من أشرف على عين الشريعة الأولى ورأى اتصال مذاهب المجتهدين كلها بعين الشريعة فالجواب قد يكون مجلس المناظرة بين الأئمة إنما وقع منهم قبل بلوغ المقام الكشفي واطلاعهم على اتصال جميع مذاهب المجتهدين بعين الشريعة الكبرى فإن من لازم المناظرة ادحاض حجة الخصم وإلا كانت المناظرة عبثا ويحتمل أن مجلس المناظرة كان بين مجتهد وغير مجتهد فطلب المجتهد بالمناظرة ترقية ذلك الناقص إلى مقام الكمال لا ادحاض حجته من كل وجه ويحتمل أيضا أن يكون مجلس المناظرة إنما كان لبيان الأكمل والأفضل ليعمل أحدهم به ويرشد أصحابه إلى العمل به من حيث إنه أرقى في مقام الإسلام أو الإيمان أو الاحسان أو الايقان وبالجملة فلا تقع المناظرة بين الكاملين على الحد المتبادر إلى الأذهان أبدا بل لا بد لها من موجب وأقرب ما يكون قصدهما تشحيذ ذهن أتباعهما وإفادتهم كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل بعض أشياء لبيان الجواز وإفادة الأمة نحو حديث ما الإسلام وما الإيمان وما الاحسان وإيضاح ذلك أن كل مجتهد يشهد صحة قول صاحبه ولذلك قالوا المجتهد لا ينكر على مجتهد لأنه يرى قول خصمه لا يخرج عن إحدى مرتبتي الشريعة وأن خصمه على هدى من ربه في قوله وثم مقام رفيع ومقام أرفع فإن قلت فهل يصح في حق من اطلع على عين الشريعة المطهرة الجهل بشئ من أصول أحكام الشريعة المطهرة فالجواب أنه لا يصح في حقه الجهل بمنزع قول من أقوال العلماء بل يصير يقرر جميع مذاهب المجتهدين وأتباعهم من قلبه ولا يحتاج إلى نظر في كتاب لأن صاحب هذا المقام يعرف كشفا ويقينا وجه إسناد كل قول في العلم إلى الشريعة ويعرف من أين أخذه صاحبه من الكتاب والسنة بل يعرف إسناد كل قول إلى حضرة الاسم الذي برز من حضرته من سائر الأسماء الإلهية وهذا هو مقام العلماء بالله تعالى وبأحكامه على التحقيق فإن قلت فعلى ما قررتم من أن سائر الأئمة على هدى من ربهم فكل شخص يزعم أنه يعتقد أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم نفرت نفسه من العمل بقول غير إمامه وحصل له به الحرج والضيق فهو غير صادق في اعتقاده المذكور فالجواب نعم والأمر كذلك ولا يكمل اعتقاده إلا أن تساوى عنده العمل بقول كل مجتهد على حد سواء بشرطه السابق في الميزان فإن قلت فهل يجب على مثل هذا السلوك على يد شيخ حتى يصل إلى شهود عين الشريعة الأولى في مقام الإيمان والإحسان والإيقان من حيث إن لكل مقام من هذه المقامات عينا تخصه كما أن لكل عبادة شروطا في كل مقام منها كما يعرف ذلك أهل الكشف وبه يصير أحدهم يعتقد أن كل مجتهد مصيب فالجواب كما تقدمت الإشارة إليه نعم يجب السلوك حتى يصل إلى ذلك لأن كل ما لم يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب ومعلوم أنه يجب على كل مسلم اعتقاده أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم ولا يصح الاعتقاد إلا أن يكون جازما ولا يصح الجزم الحقيقي إلا بشهود العين التي يتفرع منها كل قول والله تعالى أعلم والحمد لله رب العالمين * (فصل) * فإن قلت فبماذا أجيب من نازعني في صحة هذه الميزان من المجادلين وقال هذا أمر ما سمعنا به عن أحد من علمائنا وقد كانوا بالمحل الأسنى من العلم فما الدليل عليها من
صفحہ 27