210

العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد

ایڈیٹر

الدكتور/ مروان العطية

ناشر

مكتبة الثقافة الدينية

ایڈیشن نمبر

الأولى ١٤٢٤هـ

اشاعت کا سال

٢٠٠٤م

فإن قلت: في المناظرة فائدتان:
إحداهما: ترغيب الناس في العلم؛ إذ لولا حب الرئاسة لاندرست العلوم، وفي سد بابها ما يفتر هذه الرغبة.
والأخرى: أن فيه تشحيذ١ الخاطر وتقوية النفس لدرك مأخذ الشرع.
فتقول: صدقت لم نذكر ذلك لسد باب المناظرة، بل ذكرنا شروطها وآفاتها ليحترز المناظر عن الآفات بعد مراعاة الشروط، ثم يستدر٢ فوائدها من الرغبة في العلم لوجه الله لا للدنيا، نسأل الله العافية.
ولنختم الكلام في هذا الباب بذكر مناظرات نفيسة من عيون مناظرات السلف تكملة للفائدة وتبركا بأنفاسهم، حشرنا الله في زمرتهم، آمين.

١ شحذته: سقته، وتشحيذ الخاطر: دفعه.
٢ استدر يستدر فوائدها: يطلب فوائدها، واستدرت الريح السحاب: استجلبته.
مناظرة بين الشافعي ومالك ﵄ ١:
وهي سبب إذن مالك له بالإفتاء وسنه أربع عشرة سنة.
نقل الدميري٤ في حياة الحيوان٢وغيره أن الشافعي كان جالسا بين يدي مالك فجاء رجل فقال لمالك: إني رجل أبيع القمري٦ وإني بعت في يومي هذا قمريا فرده عليَّ المشتري وقال: قمريك ما يصيح فحلفت له بالطلاق أنه لا يهدأ من الصياح، فقال له مالك: طلقت امرأتك ولا سبيل لك عليها، وكان الشافعي يومئذ ابن أربع عشرة سنة، فقال لذلك الرجل: أيما أكثر: صياح قمريك أو سكوته؟ فقال: لا، بل صياحه، فقال: لا طلاق عليك، فعلم بذلك مالك

١ حياة الحيوان الكبرى ٢/ ٢٢٢-٢٢٣.
٢ القمري، جمعه قمر وقماري، والأنثى قُمرية، والذكر ساق حر، كنيته أو ذكرى، وأبو طلحة: طائر مشهور، وضرب من الحمام حسن الصوت.

1 / 233