العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم

علي بن بالي منق d. 992 AH
74

العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم

العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم

ناشر

دار الكتاب العربي - بيروت

الطبقة العليا من البر والسماحة وكان مائلا الى الظهور ومحبا للرياسة وقد حكى بعض الثقات خبرا غريبا يتعلق بعزله عن قضاء قسطنطينية وهو انه كان من حواشيه رجل صالح معتقد يقعد في بعض دكاكين قسطنطينية متجرا وكان يتردد اليه بعض الصلحاء والمجذوبين فاذا برجل مجذوب اتاه صبيحة يوم فقال للسوقي في اثناء كلامه الك عندي حاجة فخطر له كون المولى المزبور قاضيا بالعسكر فذكره له والتمس منه التوجه في ذلك فقال المجذوب ان اردت حصول ذلك المطلوب فقل للمولى المزبور يفرز لي من ماله مائتي دينار ويعين واحدا من عبيده للعتق فاذا فعل ذلك يحصل المراد ان شاء الله تعالى فذهب ذلك الرجل السوقي الى المولى المزبور وعرض عليه القصة واخبره بما جرى بينه وبين المجذوب فلما سمعه استخف به وضحك وقال ان اولياء الله المتصرفين في عالم المكلوت متبرؤن من طلب مال في عمل لهم واما قضاء العسكر فطريقي الذي لا يقوتني وما انت الا رجل ابله فقال له السوقي لعل في ذلك حكمة خفية وباحث معه وآل الامر الى ان قال المولى المزبور ان عين ذلك الرجل يوم النصب نفعل ما ذكره فافترقا على ذلك فلما اصبح السوقي وفتح حانوته صبحه المجذوب وسأله عن القضية فلم يجبه بشيء واستحيا من المجذوب فقال المجذوب قد سمعت كل ما جرى بين بينك وبينه فاخذ من الحانوت ورقة وطواها على طولها ثم قطعها قطعتين وقال انا افعل بمن طلب التعيين كذلك وقد عزلته عن منصبه ودمرته تدميرا فلما سمعه السوقي تطير منه وقامت قيامته فقبل يد المجذوب واستعفى وبكا وقال له المجذوب لم ادر انعطافك لهذا القدر فاذا لا بد من تدارك الامر في الجملة ففعل افعالا غريبة خارجة عن طور العقل ثم قال واما العزل فلا بد من الوقوع اليوم الفلاني فراح الى سبيله وبقي السوقي مغموما منتظرا لذلك اليوم فلما جاء ذلك اليوم وقع العزل على ما أخبر به المجذوب ولم يتيسر القضاء بالعسكر ومات على الحسرة والندامة

وممن فاز بحظ الظهور وملك مقاليد الامور واتته الرياسة منقادة وجاءه العز والسودد فوق العادة وعن قريب اخلق ديباج عزه الجديدان ومزق جلباب سودده ايدي الحدثان فعاد كأن لم يكن شيأ مذكورا وكان ذلك في الكتاب

صفحہ 406