وانجر الموكب من أول النهار إلى قريب الظهر، وتبعته عندما دخل من باب النصر، وشق من وسط المدينة، وأمامه العساكر المختلفة من الأرنؤد، والينكجرية، والعساكر الشامية، والأمراء المصرية، والمغاربة، والقليونجية، ومحمد باشا والي مصر، والكتبة ورئيس الكتاب، وكتخدا الدولة والأغوات الكبار بالطبول والنقرزانات، وقاضي العسكر ونواب القضاء، والعلماء المصرية، ومشايخ التكايا والدراويش.
وأقبل الوزير وأمامه الجاويشية والسعاة، وعلى رأسه قلنسوة من الريش مرصعة بفصوص الماس، وخلفه اثنان عن يمينه وشماله ينثرون دراهم الفضة البيضاء المضروبة في إسلامبول على المتفرجين من النساء والرجال، وخلفه أيضا العدة الوافرة من أكابر أتباعه، والنوبة التركية المختصة به، ثم المدافع وعربات الجبخانات، وعملوا وقت الموكب شنكا ضربوا فيه مدافع كثيرة.
وفرح الناس كعادتهم بالقادمين وظنوا فيهم الخير، وصاروا يتلقونهم ويسلمون عليهم ويباركون لقدومهم، والنساء يلقلقن بألسنتهن من الطيقان وفي الأسواق، وقام للناس جلبة وصياح، وتجمع الصغار والأطفال كعادتهم، ورفعوا أصواتهم بقولهم: نصر الله السلطان.
وجلس الكثير من العساكر من أجناس مختلفة برءوس العطف والحارات، وعلى القهاوي وأمام الحوانيت والحمامات، وطلبوا من الناس المآكل والمشارب والقهوات وألزموهم بذلك، ثم طلبوا البيوت وسكنوها.
وكثر الخبز واللحم والسمن والسيرج بالأسواق، وتواجدت البضائع، وانحلت الأسعار فبيع اللحم الضاني بثماني بارات، والماعز بسبع، والجاموس بست، والمسلي بمائة وثمانين بارة للعشرة أرطال بعد أن كانت بثلاثمائة، وبيعت جميع الخضراوات بالرطل حتى الفجل والليمون، ورطل الخبز ببارة، والماء بعشر بارات بعد عشرين. وكثرت الفاكهة مثل العنب والخوخ والبطيخ، وتعاطى بيع غالبها الأتراك والأرنؤد، فكانوا يتلقون من يجلبها من الفلاحين بالبحر والبر ويشترونها منهم بالأسعار الرخيصة يبيعونها على أهل المدينة وبولاق بأعلى الأثمان.
الجمعة 17 يوليو
نودي بإبطال شرك العسكر لأرباب الحرف إلا من شارك برضاه وسماحة نفسه، فلم يمتثلوا لذلك واستمر أكثرهم على الطلب من الناس.
الأحد 19 يوليو
نودي بأن لا أحد يتعرض بالأذية لنصراني ولا يهودي، سواء كان قبطيا أو روميا أو شاميا، فإنهم من رعايا السلطان.
ووجدت أستاذي ساخطا لأن الحكام الجدد أرسلوا فرمانات إلى الأقاليم المصرية والقرى بعدم دفع المال إلى الملتزمين، وإنما يدفعونه للصيارف المبعوثين من طرف الدولة. وكان يخبط كفا بكف ويقول: كيف سنقوم بالنفقات من دون هذه الأموال؟
نامعلوم صفحہ