استأنف حديثه: لا يمكن أن تتصور مشاعري عندما رأيتها وجها لوجه. لم نتفوه بغير كلمات متقطعة، فقد كان كلانا في غير وعيه. وعلمتها بعض مبادئ الترقيم والجمع. وحكت لي قصتها، فقد ولدت في تيفليس بجورجيا وباعها سيد القرية على عادة البلاد لتاجر أرمني حملها إلى إستامبول فلم يشترها أحد لأنها نحيلة ولا تزال في الرابعة عشرة من عمرها. فأحضرها إلى القاهرة واشتراها المملوك الذي مات في معركة إنبابة. وقالت إنها لم تحبه لأنه كان قاسيا. وطلبت مني أن آخذها معي إلى فرنسا.
بدا الصباغ مفتونا بالقصة، وتعلقت عيناه بشفتي جاستون عندما استطرد: كنا نأخذ الدرس ونختلس القبلات والمداعبات. ثم نقلوني من دمياط إلى أبي قير ومنها إلى القاهرة. وعرفت فيما بعد أن الأهالي قتلوها.
فكرت طويلا في قصة جاستون ومراميه من حكايتها.
السبت 4 يناير 1800
قرب الظهر سمعنا ضجة عند باب المجمع. وأسرعنا أنا وجاستون إلى الخارج فرأينا مركبة بريد، وترجلت منها بولين. كانت ترتدي ملابس ثقيلة وفوق رأسها قلنسوة صوفية تغطي أذنيها. رحبنا بها وساعدناها في نقل صندوق أمتعتها إلى الداخل.
جلست إلى منضدتها السابقة وقالت إنها مرت بوقت عصيب. فعندما وصلت إلى الإسكندرية لتستقل السفينة «أمريكا» إلى فرنسا كان معها بقية حاشية نابليون. وعرف الجنود بسفرها فثاروا لأنهم يريدون الرحيل هم أيضا. ودعا بعضهم إلى الاستسلام إلى الإنجليز. وبعد أن أبحرت السفينة اعترضتها سفينة بريطانية. وأعاد الإنجليز المجموعة كلها إلى الإسكندرية. وأمر حاكم المدينة بإعادتها إلى القاهرة.
سألتها: وماذا ستفعلين الآن؟
قالت: لقد وافق ساري عسكر على أن أعود إلى عملي هنا حتى تسنح فرصة جديدة للسفر. - وأين ستسكنين؟
ابتسمت في وهن قائلة: هنا طبعا.
كان يبدو عليها الإرهاق والحزن. وقاومت رغبة جارفة في احتضانها. ثم صعدت إلى الغرفة المخصصة لها.
نامعلوم صفحہ