عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
اصناف
كان الوقت الذي يتخلل ظهور الأعراض المخيفة والموت قصيرا للغاية، ربما خمسة أيام في المتوسط.
ماذا كان نمط الأحداث وسط تجمع سكني هائل مثل لندن عندما كان الطاعون في أشد عنفوانه؟
الفصل السابع
طاعون لندن العظيم
من بين كل ابتلاءات الطاعون في أوروبا، نعرف عن «طاعون لندن العظيم»، الذي بدأ عام 1665، أكثر مما نعرف عن أي طاعون آخر. قدم صموئيل بيبس في يومياته الشهيرة تسجيلا تاريخيا لواقعة عن أحد شهود العيان. استرجع دانييل ديفو، الذي لم يكن قد تجاوز سن السادسة في تلك الأثناء، القصة عام 1722، ومع أن هذه القصة بلا شك قصة مثيرة وممتعة، فإن بعض المؤرخين شككوا في مصداقيتها، إلا أن دبليو جيه بيل الذي ألف الكتاب الحاسم «طاعون لندن العظيم» دافع عن ديفو قائلا: إن هذه التصريحات «تعجز عن الوصف الفعلي لمدى المعاناة التي تكبدها ديفو لدى استخدام مثل هذه المصادر التاريخية التي كانت متاحة أمامه.»
كانت قوائم الوفيات الأسبوعية تحفظ (مع أنها غالبا ليست على نفس القدر المرجو من الدقة لأن الأرقام كانت تخفض عن واقعها الفعلي لتحسين معنويات الناس)؛ مما يعني توفر إحصاءات مفصلة. كان عدد الوفيات رهيبا؛ فقد كان الطاعون في أشد عنفوانه في إنجلترا. لكن، للمفارقة، كانت هذه رقصته الأخيرة؛ فقبل انقضاء خمس سنوات كان قد اختفى إلى الأبد. (1) من أين جاء؟
كان الطاعون هائجا في هولندا عام 1664 ووجه تحذير مسبق إلى مفوضي إدارة الجمارك لضمان عدم دخول لاجئين مصابين إلى أرض بريطانيا. لكن لم يكن هذا التحذير مجديا؛ فقد وردت أنباء عن وفاة فرنسيين على إثر الإصابة بالطاعون بشارع لونج إيكر بلندن في نهاية العام.
كان شتاء عام 1664 قاسيا؛ فقد كان الصقيع الجاف الأسود يكسو الأرض على نحو شبه دائم منذ نوفمبر، ولم ينحسر حتى مارس عام 1665. استمر البرد الجاف بعد انكسار موجة الصقيع؛ مما أسفر، كما قيل، عن «عدد كبير من حالات التهاب غشاء الجنبة المحيط بالرئة، والالتهاب الرئوي والذبحة الصدرية»، نتيجة «لأعنف شتاء وربيع وصيف سمع عنه إنسان عاش على وجه الأرض. بارت الأراضي الزراعية، ولم يكن في أرض المروج سوى أربع شحنات من القش التي كانت تصل من قبل إلى أربعين شحنة على الأقل.»
كان لهذا الشتاء البارد تأثير سلبي على تقدم الوباء، فكما يقول الطبيب هارفي في كتابه «مؤرخو المدينة» الذي نشر عام 1769:
ونظرا لاقتصاره على منزل أو اثنين، انحسر المرض خلال فصل الشتاء الجليدي القارس الذي دام قرابة ثلاثة أشهر متواصلة؛ فقد دخل في سبات عميق من وقت عيد الميلاد إلى منتصف شهر فبراير، ثم تفشى مرة أخرى في نفس الأبرشية، وبعد فترة هجوع طويلة أخرى استمرت حتى شهر أبريل، مارست العدوى تأثيرها الخبيث من جديد حين أمدها دفء الربيع بالقوة الكافية.
نامعلوم صفحہ