عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
اصناف
كانت ماري كوبر قد تزوجت من أحد العاملين بتعدين الرصاص، وأنجبت منه ولدين، هما: جوناثان، الذي كان في الثانية عشرة من عمره حين توفي الزوج، وإدوارد في الثالثة. عندما توفي زوجها تركها بلا سند في الحياة. لكن ماري تكيفت مع صعوبات الحياة، وتزوجت من ألكسندر هادفيلد في السابع والعشرين من مارس عام 1665، وعاشت العائلة معا في أحد الأكواخ المكونة من طابقين غرب فناء الكنيسة في إيم.
بعد ذلك بخمسة أشهر، في التاسع من أغسطس 1665، كانت ماري تعيش وحدها مؤقتا برفقة ولدها الأصغر؛ لأن ألكسندر والابن الأكبر كانا في مهمة بعيدا؛ ليعملا بالأجرة في موسم الحصاد. قرع جورج فيكرز، خياط متجول، باب ماري، وسألها إن كان ممكنا أن توفر له إقامة مؤقتة وهو يمارس عمله في القرية؟ فرحبت به بحفاوة؛ إذ لم يكن بحوزتها نقود على الإطلاق تكفي لشراء قوتها، وبضعة بنسات أخرى ستعينها في نفقاتها.
خصصت ماري غرفة صغيرة لفيكرز في الكوخ، حيث كان ينام ويزاول أعماله، وكان لا بد من أن يلتف حول المائدة مع بقية العائلة لتناول الطعام. في الصباح التالي كان يروج لمنتجاته في الأكواخ المجاورة وفي المنازل الصغيرة القائمة على قارعة الطريق. وسرعان ما قبل الناس في المجتمع الصغير فيكرز، وعندما كان يعرج الجيران على ماري لرؤيتها، كانوا يجدون الوقت للتحدث معه ويمكثون في غرفته الصغيرة.
في صبيحة الثاني من سبتمبر، لم يحضر فيكرز لتناول الإفطار ووجدته ماري طريح حمى خبيثة. كان يشعر بالظمأ الشديد وتجرع كوبا من الماء تلو الآخر.
في صبيحة اليوم التالي، كان من الواضح أن حالته أسوأ كثيرا وكانت تتدهور بسرعة. وقد كان سقيما طوال الليل ويصرخ بحرقة. وكما رأت ماري، فقد تقيأ دما وبدأ ينزف من أنفه.
أخيرا ذهبت ماري لطلب يد العون والنصيحة من الكاهن، الذي كان يسكن قريبا. كان القس ويليام مومبسون رجلا نشيطا، في الثامنة والعشرين من عمره، يأخذ مهامه ككاهن أبرشية إيم مأخذ جد وبضمير حي. وكان قد رأى الطاعون من قبل، وفي الحال تعرف على البقع النزفية، التي هي أمارات الرب، على صدر فيكرز.
لقي جورج فيكرز نحبه في السابع من سبتمبر، وكان الموت بمنزلة عتق رحيم له. أقام ويليام مومبسون صلاة الجنازة عليه، ولم يحضرها سوى ألكسندر (الذي استدعي في عجالة) وماري هادفيلد. ساد القرية صمت كئيب حينذاك، فهل أصاب المرض المرعب أي شخص آخر؟ (4) تفشي الوباء
بمرور الوقت بدأ بعض أهل القرية يراودهم الأمل في أن المرض لم يصب أحدا، مع أن هذا كان أمرا بعيد المنال. إلا أنه في السابع عشر من سبتمبر، أي بعد مرور 10 أيام على موت فيكرز، اشتكى الصغير إدوارد هادفيلد من الشعور بالإعياء، وانهارت ماري، وأدرك الجميع أن المرض كان نشطا. تطابق هذا التوقف المؤقت بحذافيره مع التوقف الذي حدث عقب موت أندرو هوجسون في بنريث. وهكذا انتشرت العدوى بنفس الطريقة المتوقعة التي لطالما كان ينتشر بها الطاعون. وقد كان وحشيا.
في البداية، لقي جيران ماري القريبين، الذين كانت تربطهم علاقة مودة بفيكرز، نحبهم، وسرعان ما بات جليا أن الخياط المتجول كان قد نقل الطاعون إلى خمس عائلات أخرى، جميعهم يعيشون على مقربة من آل هادفيلد، ويتبادلون الزيارات مع ماري. مزق المرض هذه العائلات على نحو متزايد كانتشار النيران في الهشيم. وكان آل سيدول يعيشون على الجانب المقابل من منزل ماري، ودفنت ابنتهم سارة البالغة من العمر اثني عشر عاما في الثلاثين من سبتمبر، وكانت قد نقلت العدوى وقتئذ إلى أربعة من إخوانها وأخواتها، إلى جانب والدها جون. لم تنج فقط سوى أمها إليزابيث وأختها إيموت، وهما شخصيتان مهمتان في قصتنا التي تتكشف شيئا فشيئا.
عانت ماري هادفيلد من مأساة ثانية عندما توفي ابنها الأكبر جوناثان في الثامن والعشرين من أكتوبر؛ فلقد انتقلت إليه العدوى من أخيه إدوارد قبيل موته.
نامعلوم صفحہ