الحمد لله رب العالمين . على أي حال، فالكتاب ليس شرا كله، ولن يمسه الشيخ العزيزي بسوء. •••
وعندما جاء وقت الغداء جلس كالآخرين موجها وجهه للجدار. حل عقدة المنديل وبسطه وراح يقطع الرغيف، عند ذاك جاءه صوت عن يمينه مباشرة: ماذا عندك؟
رأى صبيا في مثل سنه، في عينيه ضيق ولكنهما مقبولتان، في فكيه قوة، وفي أنفه فطس، بدا بسيطا ومرحا. ساءه تطفله، ولكنه لم يجد بدا من إجابته: جبن أبيض وحلاوة طحينية. - عال، معي طعمية وسلطة طحينة. فلنأكل معا.
ولم ينتظر موافقته، فبسط منديله حتى تماست الحافتان، أشار إلى الطعمية بإغراء ويده تمتد إلى الجبن، ثم قدم نفسه قائلا: حمدون عجرمة.
فاضطر الآخر أن يقول: عزت عبد الباقي. - أنا عارف ... ابن الست عين!
استاء من أن يتردد اسم أمه مختلطا بالجبن والطعمية وسلطة الطحينة، لكنه لم يستثقل حمدون، وأعجبته نظافة جلبابه وطاقيته. وقال له حمدون: أنت غير جائع. - أشبع بسرعة.
فلم يرتح حمدون للإجابة، ولكنه التهم الطعام بصراحة. •••
وغادرا الكتاب معا. لم يفارقه حمدون، وسرعان ما أنس إليه. وقال له حمدون! - نلعب معا ونحفظ معا ونأكل معا ... هه؟
فحنى رأسه بالإيجاب، فقال الآخر: وقد يطلع لنا عفريت من القبو؛ فمن الأفضل أن نكون معا. - لا أقترب من القبو ليلا وأمي تحفظ القرآن. وإذا به يهتف فجأة «بدرية»، فتابع عينيه حتى وقعتا على «العصفورة». نظرت البنت نحوهما باسمة ثم اندفعت تجري، فسأله: تعرفها؟ - جارتنا ... بدرية المناويشي.
فأحب صداقته أكثر. •••
نامعلوم صفحہ