فلما كان في السنة الماضية سار صلاح الدين في جملة من سار من اصحاب الاطراف فاقام عنده اياما وطلب دستورا بالعود الى بلده فقال له صلاح الدين ان عندنا من اصحاب الاطراف [جماعة] 23 ومتى فتحت هذا الباب اقتدى بك غيرك، فلم يلتفت الى قوله 96 / ب/واصر على العود فلما كانت 24 ليلة الفطر من سنة ست وثمانين ركب تلك الليلة في السحر الى خيمة صلاح الدين بعد ان اذن لاصحابه في المسير فساروا وبقي في جريدة 25 من اصحابه فارسل يطلب الاذن على صلاح الدين، فلم يمكنه أن يأذن للفور فلم يزل حتى اذن له، فلما دخل عليه هنأه بالعيد واكب عليه يودعه، فقال له صلاح الدين ما علمنا بصحة عزمك فاصبر علينا حتى نفعل ما جرت به العادة فلم يفعل وودعه وانصرف، فكتب صلاح الدين الى تقي الدين ابن اخيه يأمره باعادة سنجر شاه (طوعا أو كرها وكان تقي الدين) 26 قد اقبل من بلده في عسكر كثيف، فلما لقيه الكتاب سار نحو سنجر شاه، قال فلقيته 27 في اثناء الطريق فسألته عن سبب انصرافه فغالطني بالكلام، فقلت له اني قد عرفت الحال ولا ينبغي ان تنصرف بغير تشريف السلطان وهديته، فيضيع تعبك. وسألته أن يعود فلم يصغ الى قولي، وخاطبني كما يخاطب بعض مماليكه، فلما رأيت ذلك منه قلت له انك ان رجعت طوعا والا رجعت كرها قال فنزل عن دابته واخذ بذيلي وقال قد استجرت بك وجعل يبكي، فتعجبت 28 من حماقته أولا وذله ثانيا. فعاد معي الى صلاح الدين وكتب صلاح الدين الى عز الدين يأمره بقصد الجزيرة ومحاصرتها واخذها وأن يرسل على طريق سنجر شاه ليقبض عليه اذا عاد. فسار 29 عز الدين الى الجزيرة حينئذ فحصرها اربعة اشهر واياما 30 حتى كتب 31 صلاح الدين كتابا الى عز الدين مسعود يقول له ان صاحب سنجار وصاحب اربل وغيرهما قد شفعا في سنجر شاه. فاستقرت القاعدة بينه وبين سنجر شاه على يد رسول صلاح الدين على ان لسنجر نصف اعمال الجزيرة ولعز الدين نصفها، فعاد عز الدين في شهر شعبان الى الموصل. وكان صلاح الدين بعد ذلك يقول ما قيل لي عن احد شيىء من الشر فرايته الا كان دون ما يقال عنه الا سنجر شاه فانه كان يقال لي عنه أشياء استعظمتها 32 فلما رأيته صغر في عيني ما قيل لي عنه.
صفحہ 213