فقال: «لأن هذا القطيع لأناس لا يبيعونه.»
فقال: «ومن هؤلاء؟ أليسوا تجارا؟»
أجاب: «كلا». ثم أومأ إلى الراية وقال: «أظنك لا تعرف القراءة ولو عرفتها لكفيتنا مئونة السؤال والجواب».
فلما سمعت جهان قوله نظرت إلى الراية فقرأت فيها: «الأفشين حيدر بن كاوس» بأحرف عربية. فتغير لونها ونظرت إلى خيزران فرأتها في مثل بغتتها. أما الشيخ فأجاب الفارس قائلا: «صدقت إني لا أعرف القراءة. لمن هذه الراية؟»
قال: «هي للأفشين حيدر بن كاوس قائد جند الخليفة المعتصم وصاحب مملكة أشروسنة.»
ولم يكن أحد في تركستان يجهل هذا الاسم؛ لأن الأفشين كان ملكا على أشروسنة قبل دخوله في خدمة المعتصم. فبغت الشيخ وتهيب وقال: «إن مولانا الأفشين مقيم ببغداد على ما نعلم.»
قال: «كان في بغداد ولكنه جاء إلى أشروسنة منذ أيام وبعثنا نبتاع الماشية لرجاله.»
فقال: «وأنتم ذاهبون الآن بهذا القطيع إلى أشروسنة؟»
قال: «كان مولانا الأفشين في أشروسنة، ولكنه قادم إلى فرغانة يقضي عيد النيروز فيها، ورجاله معسكرون خارجها على ضفاف الشاش، وهذه الخيول لهم. فهل تحتاج إلى زيادة إيضاح؟» قال ذلك وساق جواده وتبعه الرعاة بالخيول.
فلم يعد الشيخ يجرؤ على السؤال، وخجل من جهان؛ لأنه عجز عن القيام بضيافتها. وأخذ يهيئ عبارة يعتذر بها إليها فإذا بها وقفت وأشارت إلى خادمها أن يأتي بالجوادين وأسرعت إلى الشيخ وقالت: «إني شاكرة حسن صنيعك يا عماه وقد طرأ علي ما يدعو إلى الإسراع برجوعي، وعسى أن أتمكن من زيارتك في فرصة أخرى.»
نامعلوم صفحہ