قالت: «إن ضرغاما مسلم على ما أعلم، فكيف يصح زواجه بك إلا إذا اعتنقت الإسلام.»
فقالت: «وما يمنعني من ذلك، والإسلام دين الدولة؟!»
فقالت: «وتتركين ديانة أبيك وعشيرتك؟!»
قالت: «إذا كانت هذه الديانة تحول بيني وبين ضرغام فإني أتركها؛ لأني أحب أن أكون حيث يكون هو في الدنيا والآخرة.» قالت ذلك واغرورقت عيناها وهي تبتسم.
وأحست القهرمانة أن الحديث طال وتحرج، فأحبت أن تشغل عنه جهان فنهضت وقالت: «مضى قسم من النهار ولم تباشري الصيد، فاركبي فرسك وأنا أتبعك وألهو بما أشاهده من مهارتك في مطاردة الغزلان.» •••
أشارت جهان إلى السائس أن يأتي بالجواد والقوس والنبال، ثم نظرت إلى الجبال أمامها لتختار جهة تركب إليها، فبصرت بوعل يركض على صخر قريب منها، ولم تكن تعهد وجود الوعول في تلك الجهة فبغتت وصاحت بالسائس: «فيروز، هات القوس.»
فأسرع إليها بالقوس فأوترتها وسددت السهم، وأسرت أنها إذا أصابت طريدتها كان ذلك فألا بنيلها ضرغام وقرب مجيئه وإلا فلا. ونظرت إلى الوعل فرأته وقفا على تلك الصخرة والتفت نحوهم فرمته بأسرع من لمح البصر وسمعت طنين النبل في الهواء وخيزران تنظر إلى الوعل وتخاف أن يفر قبل إطلاق السهم فما لبثت أن رأته سقط ثم انقلب إلى شق بين صخرين فصاحت جهان: «وقع وقع ... إلي به يا مرجان.» فركض ورفيقه والسائس في أثرهما، وظلت جهان واقفة وقلبها يكاد يطير من الفرح، ثم تقدمت خيزران إليها وهي تضحك وتقول: «لقد سرني رمي هذا الوعل، ليس لأنك أصبته فقط ولكنني قبل أن ترميه أضمرت أن يكون فوزك في صيدك هذا رمزا إلى فوزك بضرغام.»
فابتسمت جهان وقالت: «وهذا ضميري أيضا ... أتقولين بعد ذلك إن ضرغاما يليق بي؟»
قالت: «بسطت لك رأيي وأنا الآن أكثر رغبة فيه.» وضحكت تمازحها.
فانبسطت نفس جهان وسري عنها بعد مكاشفة خيزران. ثم سمعت صياحا فالتفتت فرأت الرجال يجرون الوعل جرا لثقله فأسرعت إليهم فرأت الوعل ميتا لا حراك به. فتعجبت من سرعة مصرعه بسهم واحد. فلما وصلت إليه رأت سهمها لا يزال مغروسا في خاصرته ولاحت منها التفاتة فرأت سهما آخر في ليته فصاحت: «إنه مصاب بسهمين وأنا لم أطلق إلا سهما واحدا. هو ذا السهم الآخر!»
نامعلوم صفحہ