فقطع وردان كلامه وأخبره بما كان الخليفة قد أمر به ضرغاما من التزوج بها. وبأن ضرغاما أوهم الخليفة بأنه تزوجها. فصاح حماد وقد ثارت الأريحية في رأسه قائلا: «وهل بعد هذا يستعظم أن أبحث عن عروسه؟»
فقال: «إذن أسير معك؛ لأني أعرف البلاد ولغتها وطرقها.» فقال: «لا حاجة بي إلى أحد منكما، أستودعكما الله من هذه الساعة.» قال ذلك وخرج.
فلما خلا ضرغام إلى وردان قال: «أحسبني في منام يا وردان، إن الفرق بين اليوم والأمس كالفرق بين الرجاء واليأس، ولكن ...»
فقطع وردان كلامه وقال: «وأنا أحسبني انتقلت من الجحيم إلى النعيم؛ لأني كنت شديد الشغف بامرأتي، وبلغ من قحة ذلك الوحش الكاسر أن طلب مني أن أطلقها ليتزوجها، فلما أبيت بعث جندا حملها إليه بالقوة! قبحه الله من مجوسي فاسق. والها لو ظفرت به لأشربن دمه.»
فقال ضرغام: «لعل الأفشين ظفر به ونحن لا ندري فهلم بنا إلى المعسكر.»
الفصل التاسع عشر
مصرع بابك
كان الأفشين قد أحسن إعداد الهجوم حتى فتح البذ وقتل الخرمية على بكرة أبيهم وأخذ أولاد بابك وعياله، إلا جهان وهيلانة؛ لأنهما كانتا غائبتين وبعد أن أحرق المدينة وتحقق فرار بابك عاد إلى معسكره في «روذ الروذ» وقد ساءه أنه لم يظفر بجهان ولا علم مكانها. فارتاب في أقوال سامان، وخطر بباله أنه فر بها.
وكان بين الأسرى كثيرون من العرب والفرس وأبناء الدهاقين ، فأمر بهم فجعلوا في حظيرة كبيرة وأمرهم أن يكتبوا إلى أوليائهم فكان كل من جاء وعرف امرأة أو صبيا أو جارية وأشهد شاهدين أخذه. فأخذ الناس منهم خلقا كثيرا.
وكتب الأفشين إلى ملوك أرمينيا وبطارقتهم بأن بابك هرب، وأمرهم بحفظ نواحيهم ومراقبة طرقه، وندم على تفريطه في ضرغام وهو يظنه قتل لأن بعض الفراغنة الذين كانوا معه أخبروه أنه أخذ أسيرا أو مات؛ لأنهم رأوه محمولا بين حي وميت ولم يجدوه بين القتلى.
نامعلوم صفحہ