فقال ككنبو الذي كان يقوم دائما بترجمة ريب كنديد: «أتعبدون إلها واحدا فقط؟» فقال الشيخ: «لا يوجد إلهان ولا ثلاثة ولا أربعة كما هو ظاهر، وأعترف لك بأن رجال عالمكما يضعون أسئلة بالغة الغرابة.»
ولم يتعب كنديد من سؤال هذا الشيخ الصالح، فأراد أن يعرف كيف يدعون الله في إلدورادو، فقال الحكيم الصالح الجليل: «نحن لا ندعوه مطلقا، فلا يوجد ما نسأله أن يعطينا إياه، وقد أنعم علينا بكل ما نحتاج إليه، وإنما نشكر له دائما.»
ويبلغ كنديد من الفضول ما يريد معه أن يرى قساوسة ، فيسأل عن مكانهم، فيتبسم الشيخ الصالح ويقول: «كلنا قساوسة يا صاحبي، وينشد الملك وجميع أرباب الأسر - محتفلين - تسابيح في كل صباح، ويرافقهم في ذلك خمسة آلاف أو ستة آلاف من الموسيقيين.» - «ماذا؟ ألا يوجد عندكم مطلقا رهبان يعلمون ويجادلون ويحكمون ويكيدون، ويحرقون من ليسوا على رأيهم؟»
ويقول الشيخ: «نعد من المجانين لو كان عندنا ذلك، فكلنا هنا على رأي واحد، ولا نعرف ما تعني برهبانكم.»
ويظل كنديد في حال وجد بهذا الكلام، ويقول في نفسه: «هذا يختلف كثيرا عن فستفالية، وعن قصر السيد البارون، ولو رأى صديقنا بنغلوس إلدورادو لكف عن الادعاء بأن قصر ثندر تن ترنك خير ما على الأرض، فالحق أن على الإنسان أن يسيح.»
أمر الشيخ الصالح بعد هذا الحديث الطويل بأن تعد عربة ذات ستة كباش، وجعل مع السائحين اثني عشر من خدمه ليأخذوهما إلى البلاط، وقد قال لهما: «لي معذرة في كون سني تحرمني شرف مرافقتكما، وسيقابلكما الملك بما لا يسيئكما، وستغفران للبلد عاداته - لا ريب - إذا ما وجدتما فيه أناسا لا يروقونكما.»
ويركب كنديد وككنبو العربة، وتغذ الكباش الستة في العدو، ويبلغ قصر الملك الواقع في طرف العاصمة في أقل من أربع ساعات، ويبلغ ارتفاع الرتاج
1
220 قدما، ويبلغ عرضه مائة قدم، ومن المتعذر أن يعبر عن المواد التي أنشئ منها، ويمكن أن يبصر - بما فيه الكفاية - سموه العجيب الذي يجب أن يكون له على تلك الحصباء وذلك الرمل اللذين نسميهما ذهبا وحجارة كريمة.
استقبل كنديد وككنبو عشرون من فتيات الحرس الحسان عند نزولهما من العربة، ويأخذنهما إلى الحمامات ويلبسنهما حللا من زغب صغار الطير، ثم يأتي بهما إلى جناح جلالته كبار ضباط التاج وضابطاته، وذلك بين صفين مشتمل كل منهما على ألف موسيقي وفق العادة المتبعة.
نامعلوم صفحہ