على مصب أنجرمان وغيرها من المدن، وقد أدت حركة ارتفاع أرضي إلى فقدان الكثير من المدن لأهميتها كموانئ، وكان لا بد من موانئ جديدة على مبعدة عدة أميال نزولا مع النهر، وفيما بين ميناء سوندسفال على مصب أندالزالف وترندهايم على الساحل النرويجي يمتد خط حديدي يخترق سكندنافيا مع وادي النهر إلى الفلد الأعلى في الجبال الوسطى الاسكندنافية، وكان ذلك جريا وراء الطريق البري القديم الذي يعبر شبه الجزيرة في هذه المنطقة لوجود استيطان قديم في مدينة أوسترسوند التي تقع فيما يشبه الحوض في بيد مونت يمتلاند
Jemtland ، وهذا الحوض قد قطع في منطقة من الشست والحجر الرملي والجيري مكونا تربة جيدة ذات تصريف جيد، وفوق هذا فإنها تقع في منطقة تنخفض فيها السلاسل النرويجية فيما يشبه الفتحة الكبيرة مما يجعلها تتأثر بمناخ الأطلنطي الدافئ، ونجم عن ذلك ما يشبه الواحة الغنية في يمتلاند، تمتلئ ببحيرات هادئة وزراعة نشطة وسط محيط هائل من الغابات الرطبة والهضاب الجرداء المتجمدة.
وباستثناء حوض يمتلاند هذا وسلسلة الاستقرار المدني على السهل الساحلي، فإن معظم بقاع نورلاند كانت لا تزال على طبيعتها الغابية القليلة الاستغلال لغير أغراض الخشب حتى منتصف القرن الماضي حينما اكتشفت على أنها احتياطي السويد أرضا وموارد، وأخذ الناس يتكلمون عن إمكاناتها غير النهائية كما كان الأمريكيون يتكلمون عن الغرب الأمريكي.
وفي بداية الاستغلال كان الخشب الدافع الأول الذي دفع بحدود نورلاند الطبيعية من الساحل إلى الداخل: الخشب لأغراض الورق والبناء والفحم النباتي، وتحولت مدينة سندسفال إلى مركز مهم للصناعات الكيميائية، ثم جاء دور الطاقة بعد بناء سد بوريوس
وغيره على نهر لول ألف غربي جليفار مما أعطى المنطقة طاقة رخيصة، وبدأ خط حديدي جديد يتقدم شمالا حتى وصل إلى لوليا وجيلفار عام 1887 وفتح بذلك الطريق أمام استغلال حديد نوربوتن ولابلند السويدية، ونوربوتن منطقة دون القطبية معظمها هضبي عال ونباتاته قليلة من فصائل التندرا وتجمعات من البتولا القزمية، وهذه المنطقة عاش فيها عدد قليل من اللاب مع قطعانهم من الرنة على المراعي الفقيرة، وفي المنطقة توجد عدة تلال ترتفع فوق السطح الهضبي المنبسط، وتحتوي على خام حديد ممتاز (60-70٪ معدن )، وعاق استغلالها نسبة الفسفور فيها حتى عام 1880 حينما اكتشفت طرائق جديدة للاستغلال، ثم تقدم خط حديد لوليا جيلفار شمالا إلى منطقة الحديد الغنية في كيرونا، ثم ربط المنطقة كلها بالأطلنطي عند ميناء نارفيك النرويجي الخالي من الجليد طوال العام، وتصدر الآن عدة ملايين من أطنان هذه الخامة الجيدة إلى مصاهر أوروبا وأمريكا، كما بنت السويد مصنعا للحديد والصلب في لوليا تحت إدارة الدولة، وسوف يقلل هذا المصنع استخدام الكوك ويحل محله الطاقة الكهربائية، وقد أدى التصنيع والتعدين إلى نشوء بعض الزراعات الغذائية أهمها البطاطس والخضروات خلال الصيف القصير.
وتقع كيرونا (20000 شخص) في قلب نوربوتن وهي أهم مدن تعدين الحديد، وبالرغم من بعدها الشديد إلى الشمال بالنسبة لمناجم أوروبا فإنها مدينة تنمو بسرعة من مضرب خيام لأبي صغير في بداية هذا القرن إلى مدينة حديثة جديدة تقع على منحدر يواجه تلين هما كيرونافارا ولوسافارا اللذان يبدوان كما لو كانا مرتفعين صناعيين نتيجة العمل الإنساني المستمر الذي جعل القمة مسطحة، وأقام عشرات المدرجات على السفوح، وبنى منخفضا واسعا مسطحا ما زال يتسع نتيجة تفجيرات الديناميت المستمرة والحفارات الميكانيكية الضخمة، ويستمر العمل ليل نهار تحت أضواء كاشفة مستمرة تحيل كل ساعات اليوم إلى نهار ساطع الضوء، ومن أول أكتوبر إلى أبريل يكون الجو قاسيا قارس البرد مع موجات رياح لاذعة، ولكن العمل يستمر في المناجم لتحميل القطارات الطويلة المتجهة إلى لوليا ونارفك، أما جيلفار فإنها تمثل منطقة استغلال أقدم، وتقع على الخط الحديدي ذاته، وكذلك بودن - بالقرب من لوليا، فهي مركز تعدين ومقر القيادة العسكرية الشمالية.
وفي كيرونا تناقض شديد بين الحضارة الحديثة وحضارة اللاب البدائية، ولكن التأقلم اللابي يسير في هدوء ودون قفزات إلى الحضارة الصناعية، وبما أن المعدن وفير فإن الرخاء الحالي في كيرونا قد يستمر فترة طويلة، فالمقدر أن احتياطي حديد نوربوتن يعادل ملياري طن.
وفي نورلاند معادن أخرى غير الحديد، فالنحاس قد عدن قرب جيلفار، وفي إقليم اللاب الجنوبي معادن أخرى كالنحاس والذهب والفضة في منطقة بوليدن، كذلك فإن وجود المساقط المائية بكثرة يفتح آفاق الصناعات الكهرومعدنية والكهروكيمائية، وعلى هذا فإن الخامات المعدنية والأخشاب هي الثروة الرئيسية لنورلاند الجديدة، أما الزراعة فما زالت قليلة برغم الاعتناء بالمزارع الموجودة حاليا، ولهذا فإن نورلاند تستورد الأغذية وتصدر ملايين الأطنان من الخامات، وعاصمة نوربوتن هي لوليا (29500 شخص) وبها كما قلنا مصنع الصلب، أما سكان نورلاند فيبلغون 260 ألفا، وأهم المدن الأخرى في نورلاند هي مدينة سندسفال (29000 شخص) عاصمة الصناعات المرتبطة بالأخشاب. (8-2) وسط السويد أو إقليم البحيرات
عند مصب دال ألف تبدأ أولى المدن السويدية القديمة «جيفليه
Gâvle » (53 ألف شخص) وهي تقع عند نقطة التقاء نورلاند بوسط السويد، وعمر المدينة وتنوع صناعاتها وعدد سكانها ومساحتها يؤكد أنها تقع ضمن السويد الوسطى، وإلى الجنوب منها تبدأ المظاهر العامة الحضارية في التغير وكذلك المظاهر الطبيعية، فهناك تنوع كبير من الأشجار، ومساحات كبيرة مجتثة من الغابة لأجل الزراعة، ولكن التمييز الواضح بين نورلاند ووسط السويد حضاري: درجة فعالية الإنسان في المظهر الطبيعي ونوع المدن وعمرها، وتتميز وسط السويد بأنهار سريعة ومنحدرات وبحيرات كثيرة، والتربة مختلفة عن نورلاند: فالتربة التحتية متنوعة، وهناك عدد من المنخفضات التكتونية بينها بعض الهورست وخطوط الركامات الجليدية مما يضاعف تغير المنظر، والغابات منتشرة في مناطق التربة الفقيرة الصخرية أو الرملية، بينما تزرع الأرض ذات التربة الطينية أو اللومية، والمناخ الدافئ نسبيا يسمح بزراعة شيء من القمح ونباتات العلف، والماشية أحد مصادر الثروة الرئيسية، وإلى بضعة قرون خلت كانت الضريبة هنا تدفع في شكل رءوس ماشية.
نامعلوم صفحہ