ومعسكر الربيع يتكون إما من أكواخ قمعية من الحشائش أو أكواخ من الخشب أو مساكن عادية، ويرعى القطيع على المنحدرات السفلى للجبال، وعند مقدم الصيف يقل تبعثر القطيع ويزداد التصاقا ببعضه لمقاومة الناموس، ويدخل الرعاة القطيع إلى حظائر خشبية مستديرة، ويدفع الناموس والحر القطيع إلى التقدم نحو التندرا العليا حيث تخف وطأة الحرارة فوق حد الشجر.
ويعود القطيع والرعاة إلى معسكر الربيع في منتصف أغسطس بعد انخفاض الحرارة وقلة أعداد الناموس، ويبدأ موسم التزاوج في سبتمبر وينتهي في أواخره، وفي أكتوبر أو أوائل نوفمبر تبدأ نباتات التندرا في الموت ويسقط الثلج ويبدأ تكون الجليد على البحيرات والأنهار، ومع حدوث ذلك تبدأ العودة جنوبا إلى نطاق التنوب والمخروط في منتصف ديسمبر إلى السهول السفلى. (4-2) العالم القطبي الأمريكي
يسكن هذا الإقليم القطبي جماعات الإسكيمو، ويسمون أنفسهم إينويت
Inuit ، بينما اسم إسكيمو أطلقه عليهم الأمريند المجاورون بمعنى أكلة اللحم النيء، ويمتدون في أقصى شمال شرق سيبيريا وإلى لبرادو وجرينلاند، وفي هذه المساحة يوجد نحو 43 ألف شخص، لكنهم يتكلمون لغة واحدة رئيسية ويتشابهون حضاريا على خلاف أوروآسيا، ولأنهم أساسا صيادون، وخاصة صيادو بحر، فإنهم يتجمعون في جماعات صغيرة على طول الساحل وفي الجزر أيضا، وفي شبه جزيرة
Etah
في شمال غرب جرينلاند مجموعة من الإسكيمو هم أكثر البشر تطرفا إلى الشمال في مساكنهم، ويختلف الإسكيمو عن الأوروآسيويين ليس فقط في سكنهم الملاصق للبحر، بل في أنهم لم يستأنسوا أيا من الحيوان سوى الكلب، فحياتهم مرتبطة بما يحصلون عليه من البحر، وخاصة عجل البحر وفيل البحر، وهذا يعطيهم الغذاء والزيت والجلد والعظام والعاج، ولكي يحصل على هذا يجب أن يبقى الإسكيمو حيث تبقى أحياء البحر، ومن ثم لا يغامر الإسكيمو بالتوغل داخل اليابس إلا في حالة صيد الكاريبو؛ لكي يحصل من جلوده على خامة الملبس.
وعلى هذا النحو فالإسكيمو متنقلون خاضعون للدورة السنوية لهجرة الحياة، وهم شتاء يلجئون إلى دفء مساكنهم الحجرية المبنية في تجمعات صغيرة، وعمليات الصيد تتم فردية ويقطعها كثيرا الجو السيئ أو العاصف، ويقضون معظم وقتهم داخل البيوت في النوم أو في أكل كميات كبيرة من الدهون ولحوم نيئة مجمدة وأحيانا فاسدة، ولكنهم يقومون بنشاط رياضي واجتماعي كبير خلال هذا الفصل الطويل الأمد، وليس من المستغرب أن يسافر الواحد منهم مئات الكيلومترات من أجل زيارة الأصدقاء والأقارب، وفي خلال هذه الرحلات الطويلة يقوم الإسكيمو بتشييد «الإيجلو»
Igloo
أو بيت الثلج المشهور عنهم بسرعة غريبة لقضاء ليلتهم ثم يتركونه.
ومع بزوغ الربيع تدب الحياة الجادة بين الإسكيمو: فتظهر الفقمة وفيل البحر والحوت، وتصل طيور الماء، التي يكون بيضها طعاما ذا مذاق متغير من أكل الشتاء الممل، ومع ظهور الصيف تهجر المساكن الحجرية، وتفضل الخيام الجلدية التي يمكن نقلها مع الحركة المستمرة وراء الصيد، ويجمع الناس الأخشاب القادمة مع الفيضانات وذوبان الجليد، وتقوم مجموعات صغيرة بالجري إلى داخل السهول لمقابلة الكاريبو القادم شمالا وصيده، وحينما يحل الشتاء يكون الإسكيمو بعيدين عن المكان الذي قضوا فيه الشتاء الماضي؛ فيقومون بإنشاء بيت حجري جديد وينتظرون الشتاء بفارغ الصبر هربا من الناموس وفرحا بقدوم فصل الحفلات والزيارات.
نامعلوم صفحہ