هَذِه غنم، وَإِن كَانَت كلهَا كباشا، أَو تيوسا. وَكَذَلِكَ عِنْدِي ثَلَاث من الْغنم، وَإِن كَانَت كباشا، أَو تيوسا لِأَنَّهُ جعل الْوَاحِد مِنْهَا كَأَن فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث، كَمَا جعلت الْعين وَالرجل كَأَن فيهمَا عَلامَة التَّأْنِيث. وَقَالَ الْخَلِيل: قَوْلك: هَذَا شَاة، بِمَنْزِلَة قَوْلك: ﴿هَذَا رَحْمَة من رَبِّي﴾ .
قَالَ أَبُو سعيد: يُرِيد أَن تذكير هَذَا مَعَ تَأْنِيث شَاة كتذكير هَذَا مَعَ تَأْنِيث رَحْمَة. والتأويل فِي ذَلِك كانك قلت: هَذَا الشَّيْء شَاة، وَهَذَا الشَّيْء رَحْمَة من رَبِّي.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: لَهُ خمس من الْإِبِل ذُكُور، وَخمْس من الْغنم ذُكُور من قبل أَن الْإِبِل وَالْغنم اسمان مؤنثان، كَمَا أَن مَا فِيهِ الْهَاء مؤنث الأَصْل، وَإِن وَقع على الْمُذكر، فَلَمَّا كَانَ الْإِبِل وَالْغنم كَذَلِك جَاءَ تثليثهما على التَّأْنِيث لِأَنَّك إِنَّمَا أردْت التَّثْلِيث من اسْم مؤنث بِمَنْزِلَة قدم، وَلم يكسر عَلَيْهِ مُذَكّر للْجمع. فالتثليث مِنْهُ كتثليث مَا فِيهِ الْهَاء كَأَنَّك قلت: هَذِه ثَلَاث غنم، فَهَذَا يُوضح، وَإِن كَانَ لَا يتَكَلَّم بِهِ، كَمَا تَقول: ثَلَاثمِائَة، فتدع الْهَاء لِأَن الْمِائَة أُنْثَى.
قَالَ أَبُو سعيد: قَول سِيبَوَيْهٍ الْغنم وَالْإِبِل وَالشَّاء مؤنثات. يُرِيد أَن كل وَاحِد مِنْهَا إِذا قرن بِمَنْزِلَة مؤنث فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث، أَو مؤنث لَا عَلامَة فِيهِ، كَقَوْلِك: هَذِه ثَلَاث من الْغنم: وَلم تقل: ثَلَاثَة، وَإِن أردْت بهَا كباشا وتيوسا. وَكَذَلِكَ ثَلَاث من الْإِبِل، وَإِن أردْت بهَا مذكرا أَو مؤنثا. وَقَوله: بِمَنْزِلَة قدم لَان الْقدَم أُنْثَى بِغَيْر عَلامَة. وَكَذَلِكَ الثَّلَاث. فقولك: ثَلَاث من الْإِبِل وَالْغنم، لَا يفرد لَهَا وَاحِد فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث. وَقَوله: لم يكسر عَلَيْهِ مُذَكّر للْجمع، يَعْنِي لم يقل ثَلَاثَة ذُكُور، فَيكون ذُكُور جمعا مكسرا لذكر فَتذكر ثَلَاثَة من أجل ذَلِك. وَقَوله: كَأَنَّك قلت هَذِه ثَلَاث غنم يُرِيد كَأَن غنما تكسير للْوَاحِد الْمُؤَنَّث، كَمَا تَقول: ثَلَاثمِائَة، فَتتْرك الْهَاء من ثَلَاث لِأَن الْمِائَة مُؤَنّثَة، وَمِائَة وَاحِد فِي معنى جمع لمؤنث.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: ثَلَاث من البط لِأَنَّك تصيره إِلَى بطة.
قَالَ أَبُو سعيد: يُرِيد: كَأَنَّك قلت لَهُ: ثَلَاث بطات من البط.
1 / 46