إنما يحسب على الإسلام ما هو قاعدة من قواعده، ويحسب على أبي بكر ما هو سنة مطردة في حكومته، وما عدا ذلك فهو نبوة عارضة عذره فيها فداحة الجرم وشفيعه فيها طول الندم، فمن غلا في المؤاخذة حتى فتح من هذا الحادث المفرد بابا للمقارنة بين عصر وعصر، وبين حاكم وحاكم فقد أضاف إلى سوء النية جهله بالعصر الحديث.
وعلى هذا يثبت من شاء هذا الحادث لحكومة أبي بكر ويحذفه من شاء منها، فلا تزال على الحالين قدوة لأصلح الحكومات العصرية في مزيتين جامعتين: إحداهما إبطال المبادئ الضارة التي تفسد الحكومة على اختلاف صفاتها وعناوينها ودعاواها، والثانية تقرير الغاية التي تفضلها غاية لحكومة إنسانية: وهي حرية الفرد ومصلحة المحكومين.
الفصل التاسع
الصديق والنبي وصحبه
سئل النبي عليه السلام: يا رسول الله: أي الناس أحب إليك؟
قال: عائشة.
قالوا: إنما نعني من الرجال.
قال: أبوها.
وكان عليه السلام يقول: ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه بها ما خلا أبا بكر، فإن له يدا يكافيه الله بها يوم القيامة.
ويفسر ذلك قوله عليه السلام: ما أحد أعظم عندي يدا من أبي بكر: واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته.
نامعلوم صفحہ