قال: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين؟
قال: فمن أين أطعم عيالي؟
فأشار عليه أن يذهبا إلى أبي عبيدة أمين بيت المال ليفرض له قوته وقوت عياله. ففرضت له ستة آلاف درهم في السنة.
وكان يقيم بالسنح على مقربة من المدينة فتعود أن يحلب للضعفاء أغنامهم كرما منه ورفقا بهم. فسمع جارية تقول بعد مبايعته بالخلافة: اليوم لا تحلب لنا مفاتح دار.
فسمعها فقال: بلى لعمري لأحلبنها لكم.
فكان يحلبها وربما سأل صاحبتها: يا جارية! أتحبين أن أرغي لك أو أصرح؟ فربما قالت: أرغ، وربما قالت: صرح. فأي ذلك قالته فعل.
ثم تكاثرت أعمال الحكومة فانتقل إلى المدينة ورأى أن يعين نفسه على النفقة بالتجارة حيثما استطاعها. فلما حضرته الوفاة أمر أن يحصى ما أخذه من بيت المال فيرد من ماله وأرضه، وقال لعائشة رضي الله عنها: فإذا أنا مت فردي إليهم صحفتهم وعبدهم ولقحتهم ورحالهم، ودثارة ما فوقي اتقيت بها البرد، ودثارة ما تحتي اتقيت بها نز الأرض، كان حشوها قطع السعف.
ومما روي عن عفته وزهده أن امرأته اشتهت حلوا واستفضلت من نفقتها في عدة أيام ما تشتريه به، فلما علم ذلك رد الدريهمات إلى بيت المال وأسقط من نفقته كل يوم ما فضل منها لثمن الحلوى.
وما كان صديق النبي وصفيه ليبيح لنفسه ما لم يبحه النبي، وإن استطاع من خاصة ماله، فضلا عن بيت مال المسلمين.
وكان حكمه إلى الرفق والأناة والكياسة، غير غافل عن اليقظة والحزم حيثما وجبت يقظة وحزم.
نامعلوم صفحہ