فقلت: «إني لست عبد الله، ولكني عبده والله.»
فابتسمت، فقلت: «هذا أحسن، وأين توحة؟»
قالت: «لو كانت هنا لما نجوت بهذه السهولة.»
قلت: «الحمد لله ... أعني على النجاة لا على غيابها، اذهبي بي إليها.»
قالت: «والحفلة؟»
قلت: «تستطيع أن تنتظر - أعني الحفلة - فإن مرضاتها - أعني توحة لا الحفلة - أولى وأندى على كبدي.»
وكان هذا هو السر الذي لم يعرفه المحتفلون، في أن حفلتهم تأخرت نصف ساعة، فليت حظي من كل حفلة نصف ساعة كهذه.
القاتلة
وضعت الحقيبة الصغيرة، ووقفت أستريح، وأمسح العرق المتصبب، ونظرت في ساعتي فأنبأتني أنها لم تتجاوز الخامسة صباحا، وكان الصبح لا يزال يسفر والبحر يبدو من وراء الوادي البديع كأنه بقية السحاب المطبق المنبسط، وفي النسيم برد وندى، ولكني مع ذلك كنت حران، فقد كانت الثنية طويلة صعبة المرتقى، والحقيبة - على صغرها - ثقيلة، وأرسلت طرفي رائدا فإذا الخضرة مطردة والنبات متخايل متزين بنواره، ولكن لا طريق.
ولم يكن ثم بد من مواصلة التصعيد في هذا الجبل، فإن في رأسه إخوانا ينتظرونني، ومعي طعامهم، وهم لا شك جياع يتضورون. فما يشبع المرء في هذه النجود، وما أظنهم أفطروا على شيء قبل خروجهم، وكان عزمي أن أستقل سيارة إلى نهاية الطريق المعبد، وكان في مأمولي أن يتلطف السائق فيحمل الحقيبة عني إلى مفجر الينبوع في رأس الجبل - وكان هناك موعدنا - ولكني آنست من نفسي نشاطا فاغتررت.
نامعلوم صفحہ