الباب الثالث والثلاثون بعد المائة: في التعزية
(قال الفقيه) رحمه الله: التعزية لصاحب المصيبة حسن وهو مأجور في ذلك. وقد جاء الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حق المسلم على المسلم أن يعزيه إذا أصابته مصيبة)). وروى معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: ((أن رجلا من أصحابه غاب عنه فسأل عنه فقالوا إنه مات ابن له فقال: قوموا أن نعزيه فقمنا فعزيناه)) ولا بأس لأهل المصيبة أن يجلسوا في البيت أو في المسجد ثلاثة أيام والناس يأتونهم ويعزونهم. وقد روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ((أنه لما بلغه قتل جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس في المسجد والناس يأتونه ويعزونه)) ويكره الجلوس على باب الدار فإن ذلك عمل الجاهلية، ونهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك.
الباب الرابع والثلاثون بعد المائة: في المسابقة
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: لا بأس بالمسابقة. والمسابقة أن تجري الخيل لينظر أيها يسبق صاحبه، فإن كان ذلك بغير عوض فلا بأس به وإن استبقا على شرط العوض فهو على وجهين: إن قالا أينا يسبق صاحبه فله كذا فلا يجوز وهو قمار، وإن قال إن سبق فرسي فلي كذا وإن سبق فرسك فلا شيء لك، فهذا جائز فإن كان العوض من أحد الجانبين جاز وإن كان من الجانبين لا يجوز، وإن أرادا أن يجوز العوض في الجانبين فليدخلا بينهما محللا وليقل إن سبق فرسي فلي عليك كذا وإن سبق فرسك فلك علي كذا وإن سبق هذا الثالث فلا شيء له، فهذا جائز إذا كان الثالث يعدو معهما وله قوة. وروى مجاهد عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((لا تحضر الملائكة شيئا من لهوكم إلا النضال والرهان)) يعني الرمي وسبق الخيل. وروي عن الزهري أنه قال: كانوا يستبقون على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الخيل والركاب، ويستبق الرجال على أرجلهم. وروي عن أنس أنه قال: ((كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى العضباء لا تسبق ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه)). وروى هشام بن عروة عن أبيه ((أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سابق عائشة رضي الله تعالى عنها فسبقته، فلما أسنت وأخذها اللحم سابقها فسبقها، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: ((يا عائشة هذه بتلك)) وروى مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه قال: ليس برهان الحبل بأس إذا دخل فيها المحلل.
صفحہ 404