وكذلك فعل إسحاق بن راهويه، وعثمان بن أبي شيبة وغيره، وكانت طريقة هؤلاء في التأليف أن يفردوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالتأليف دون أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ولكنهم كانوا يمزجون فيها الصحيح بغيره، وفي ذلك من العناء ما فيه من على طالب الحديث، فإنه لا يستطيع أن يتعرف على الصحيح منها إلا أن يكون من أئمة الشأن، فإن لم يكن له وقوف على ذلك اضطر إلى أن يسأل أئمة الحديث فإن لم يتيسر له بقي الحديث مجهول الحال عنده. وهذا هو ما حدا بإمام المحدثين ودرة السنة في عصره محمد بن إسماعيل البخاري (-256ه) أن ينحو في التأليف منحى جديدا بأن يقتصر على الحديث الصحيح فقط دون ما عداه، فألف كتابه الجامع الصحيح المشهور، وتبعه في طريقته معاصره وتلميذه ا لإمام مسلم بن الحجاج القشيري (-261ه) فألف صحيحه المشهور، وكان لهما فضل تمهيد الطريق أمام طالب الحديث ليصل إلى الصحيح من غير بحث وسؤال، وتبعهما بعد ذلك كثيرون، فألفت بعدهما كتب كثيرة من أهمها:سنن أبي داود (-275ه) والنسائي (-303ه) وجامع الترمذي (-279ه) وسنن ابن ماجه (-273ه) وقد جمع هؤلاء الأئمة في مصنفاتهم كل مصنفات الأئمة السابقين، إذ كانوا يروونها عنهم كما هي عادة المحدثين، ثم جاء القرن الرابع فلم يزد رجاله على رجال القرن الثالث شيئا جديدا إلا قليلا مما استدركوه عليهم، وكل صنيعهم جمع ما جمعه من سبقهم.والاعتماد على نقدهم، والإكثار من طرق الحديث، ومن أشهر الأئمة في هذا العصر الإمام سليمان ابن أحمد الطبراني (-360ه) .
صفحہ 20