مسألة في الملك وجوابها
وأما قوله سبحانه :?إن الله اصطفاه عليكم وزاده في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم? وإن الإصطفاء الإختيار من الله ، والله فلا يختار إلا الخير الذي قد علم طاعته له وغناه فيما يسلطه ويملكه على من خالفه وعصاه حتى يردهم الى أمره طوعا أوكرها.
وقال جل ذكره في ابراهيم عليه السلام :?ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه أن آتاه الله الملك ? الى قوله :?والله لايهدي القوم الظالمين? وقال:?قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء? الى قوله :?إنك على كل شئ قدير? فإن مراد الله سبحانه بهذا أنه يعطي النبوة من اصطفاه، ومعنى اصطفاه اختاره على علم منه بقيامه بأمره وطهارته واخلاصه له في الدين ، فحكم سبحانه لأنبيائه بالملك وجعله لهم ، وقد حكم أيضا بالملك لغير الأنبياء من الإئمة الملوك الذين اخذوا الملك من جهة الطاعة له مثل طالوت وذي القرنين فمن دونهما فإنهما لم يكونا نبيئين وكانا بقيامهما بأمر الله وطاعتهما إياه مستحقين للملك ، فأما من تغلب بالكفر والمعاصي لله على الناس فلم يعطهم الله ذلك الملك الذي تغلبوا عليه ، وقوله :?تنزع الملك ممن تشاء? فذلك تسليطه الأنبياء والمرسلين على من تغلب بالناس فملكوهم حتى انتزعوا الملك منهم بأمر الله وحكمه وذلك في مثل كسرى وغيره ، أوبموتهم فإنه إذا أماتهم فقد انتزع منهم ملكهم في كل شيء ?وتعز من تشاء? فذلك العز اعزاز الأنبياء بالأمن من سخطه وبطاعتهم اياه وبما معهم من الحجج والبراهين ، وبولايته إياهم ، وكذلك جميع المؤمنين وبمحبته لهم ، وبما أعدلهم من كراماته في الجنة ودار البقاء من حسن الجزاء ، وبما قتلوا وطردوا في هذه الدنيا.
صفحہ 75