وأما قوله سبحانه :?أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم? الآية فمعنى ذلك أنه لايريد أن يحكم لقلوبهم بالطهارة والإيمان وهي كافرة ، ولايشهد لها بالطهارة وهي نجسه ولايزكيها وإنما صاروا بهذه المنزلة لكفرهم وشركهم الذي اختاروه وأصروا عليه ولو أنهم آمنوا واتقوا لحكم لهم سبحانه بالطهارة والعدالة كما حكم بمثل ذلك لسائر من آمن به واتقاه ، ومثل هذا مما يتعامل به الناس في اللغة أن يقول قائل لبعض الفسقة : إنه طاهر زكي ، فيقول قائل آخر: أ،ت تريد أن تزكي هذا الفاسق وتعدله وتشهد له بالطهارة وهو فاسق دنس ،والله لايريد ذلك فله الحمد وتفسير <أول> الآية دليل على مافسرناه.
?ياأيها الرسول لايحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم? الى قوله:?يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا? فأعلم جل ذكره أن هذه الأفعال الردية منهم لامنه ولابمشيئته ولارضاه ، وأنها كسبهم لابإجبار منه لهم عليها.
ثم قال سبحانه: ?ومن يرد الله فتنته? أي عذابه فلن يمكنك رد عذاب الله عنهم ، ثم قال:?أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم? أي : لم يرد أن يحكم لهم بالطهارة وهي مصرة على خلافه وخلاف رسوله عليه السلام.
ثم ختم ذلك بأن قال: ?لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم? وقد قال جل ذكره في آية أخرى :?فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون? فأعلم أنه إنما يريد أن يحكم بالعذاب على أهل الذنوب ثم قال في آية أخرى :?مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما? وفي هذا غنى وكفاية لمن عقل عن الله والحمد لله.
صفحہ 74