وأواخر الأمور : خواتمها ، ومن ذلك قيل: لنبئينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبئيين ، وهذا يكثر تخريجه من اللغة فكان يجب على المجبرة أن تنسب الله سبحانه إلى مايليق مما جاءت به اللغة العربية ولاينسبه الى الجور ومايشبهه ، ومالم يعرف في اللغة فإنه لايعرف في اللغة أن الختم المنع من الشيء ، وقد عرف الله سبحانه أنه لم يمنع عباده مما أمرهم به وذلك فبقوله :?فما لهم لايؤمنون وإذا قريء عليهم القرآن لايسجدون? فلو كان هو المانع لهم لقالوا: لأنك منعتنا من ذلك بختمك على قلوبنا وسمعنا وجعلت على أبصارنا غشاوة وكذلك قوله :?ومامنع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى? وكذلك قوله لإبليس :?مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين? فلم يقل لأنك منعتني من ذلك ولكن قال: ?أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين? فمعنى الختم وماكان مثله : الشهادة من الله عليهم لما علم منهم ومن قلوبهم أنها لاتبصر ومن آذانهم أنها لاتسمع أبدا ، ويدل على تحقيق ذلك أول الآية وآخرها فإنه سبحانه قال:?إن الذين كفروا سواء عليهم? الى قوله:?ولهم عذاب عظيم? فشهد بهذا القول على قلوبهم أنها لاتؤمن أبدا، وعلى أبصارهم أنها لاتبصر أبدا ، وعلى أسماعهم مثل ذلك لما عرفه جل ذكره من سوء نياتهم واستكبارهم ، وذلك ماشهد به مما علمه من قوم نوح فقال: ?إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن? ولم يقل : إني أنا الذي منعتهم من الإيمان ، وفيما بينت كفاية انشاء الله.
صفحہ 62