وقال عزوجل في آل عمران :?ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين? معنى ذلك من ترك مافرضته عليه من الحج وعصاني فإني غني عنه ، فجعله بترك طاعته كافرا ، وقد قال بعض من يروم اطفاء نور الله : معنى من كفر : من جحدني وأشرك بي, وليس ذلك مشبها لمقتضى الآية ؛ لأنه سبحانه أمر بفرض من فرائضه قوما يقرون ويؤمنون بوحدانيته ، ويصدقون رسوله ، ثم قال على إثر ذلك الفرض :?ومن كفر فإن الله غني العالمين? فمعنى ذلك: فمن ترك ماأمرت فكفر بتركه إياه فإني غني عنه.
وقال سبحانه في آل عمران :?ياأيها الذين آمنوا لاتأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين? فهذه مخاطبة لأهل ادعاء الإيمان المقرين به وبرسوله ، في أكل الربا المحرم عليهم ، ومحال أن يعذب بالنار التي أعدها للكافرين إلا الكافرين.
وفرض الله سبحانه على المسلمين فرائض في دينهم وأحكاما في نسائهم فقال:?واللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا..? ثم قضى بعد ذلك وفرض وأمر الى قوله :?الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ماآتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا? .
وقال جل ذكره مخاطبا للمسلمين بعد أن أمرهم في نسائهم بما فرضه عليهم :?ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا? الى قوله:? وكان الله غنيا حميدا? معنى ذلك أنه غني عن طاعتكم إن عصيتم وأنتم المحتاجون الى طاعته التي قد كفرتم بترككم إياها.
وقال عزوجل :?لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم? الى قوله :?ولكن كثيرا منهم فاسقون? فأعلم أن كفرهم كان بعصيانهم له واعتدائهم وتركهم طاعته وإنما قص علينا قصصهم لأن حكمنا عنده في ذلك حكمهم.
صفحہ 33