وكان فتى وفتاة يتبعانه بأعين دامعة وقلباهما يجفان، ثم لم يكد يغيب الراكب المغذ حتى التقت أعينهما في نظرة طويلة، ثم أنغضت الفتاة رأسها وأنغض الفتى،
17
واتخذا طريقهما صامتين إلى الدار.
الفصل العاشر
قبر على الطريق
لم تزل الغنائم والأسلاب والأسارى تتدفق على الثغور الإسلامية إثر كل صائفة وشاتية، قد ازدحمت بها الأسواق وقلت فيها الرغبة، حتى ليباع مطرف الخز بدراهم، وتشرى السبية من بنات الأمراء والسادة بدينار، على أن أعظم ما أفاء الله على المسلمين في تلك السنين من غنائم الحرب؛ ما عاد به موسى بن نصير قائد جيش المغرب من غنائم الأندلس.
هذا موكبه يدخل دمشق في سنة 94 فيذهل الوالدة عن ولدها ويلهي الصبي عن طعامه وشرابه.
ذلك أمير الركب موسى بن نصير في وشيه وديباجه؛ يتبعه ثلاثون غلاما من أولاد ملوك الإسبان على رءوسهم التيجان، ويلبسون الثياب مطرزة بخيوط الذهب، مرقشة بفصوص الجوهر، يسعى بين أيديهم المئات من غلمانهم وخدمهم وحشمهم، كأنهم في موكبهم الملوكي بطليطلة؛
1
يتبع أولئك عجلات تجرها الدواب ولا تكاد، قد رص عليها ما لا يحصى من أحمال الذهب والفضة والجوهر والياقوت، والطنافس المنسوجة بقضبان الذهب المنظومة باللؤلؤ الغالي والجوهر المثمن؛ يتبع ذلك عجلات أخرى قد تفسخت من ثقل ما تحمل، عليها مائدة سليمان بن داود
نامعلوم صفحہ