بیروت روتی ہے رات کو

شوقی عبد الحکیم d. 1423 AH
46

بیروت روتی ہے رات کو

بيروت البكاء ليلا

اصناف

أعجبه ابتسامتها التي ذكرته لومضة بحقول مصر الممتدة، فمضى يشرح لها الأمر كله مستعينا بيديه وذراعيه في ملامسة يديها البضتين البيضاوين، وكتفها وعنقها النافر كمثل حمامة أيك دقيقة حين تنفعل وتتفاعل مع شرحه للأمر كله، لحين تذكيرها لما تعرض له طيلة أيام السيمنار، مذكرا إياها باقتراحها بكتابة سؤاله وتقديمه للرئيس، حين التهمته النائبة من فورها قبل أن يصل يده.

ضحكت طويلا، وأشارت إليه بأهمية الخروج، وحين سألها مقاربا هذه المرة وهو يتحسس مفرق شعرها العاجي الأحمر، أعادت التأكيد بالإيجاب. - بل يمكننا الخروج معا.

ضمها من فوره إلى صدره العظمي، وقفز مرتديا ملابسه بعد أن أقنعته بأن هذا العنبر الذي تساقط طلاؤه ما هو سوى رقم، أو عربة في قطار ممتد الطول من عنابر مزدحمة تغطي الأفق.

وأدهشه أن الأمر لم يستغرق كثيرا، ليجد الجهة المقابلة، ويدلفان خارجين إلى حديقة الليمون .

الفصل الثالث عشر

حين غمرتها الشمس الساطعة خارج العنبر، أخفى كل منهما عينيه بكفتي يديه، كان الوقت فيما بعد الضحى، الحر لا يطاق، وشعر هو بخطأ لارتدائه ملابسه بالكامل حتى الكارفاته حين تصبب عرقا. كانت في بعض الأحيان تقوم بتجفيفه بمنديل يدها الصغيرة الرخيص، إلى أن جلسا على دكتين متقابلتين في ممشى الحديقة المحاذية للعنبر، وأجهدها المهاجر في معرفة جلية الأمر، مستشهدا بما حدث في ذلك السيمنار المشئوم، ولم يخل الأمر من ذكر أمراض الشرق الأوسط المستعصية: اللاأمن، اللاتوازن، إسرائيل والضحية الأخيرة لبنان، وأحبولتها التي لا تبعد كثيرا عن بحث الفنلندية الفاتنة حول الحزازير والفوازير، لحين وقوع الهجوم المفاجئ، وتهتك مبنى الأوتيل البحري والانبطاح أرضا، ووصول سيارات النجدة والإسعاف.

وحين وصل هو في حديثه إلى حد زيارة الوزير والمسئولين أنكرت هي كلية معرفتها بهذا الأمر، وهي التي لم تصح إلا منذ حين.

حاول بصعوبة ضاعفت من نزف عرقه مدرارا تذكيرها بالزيارة والفلاشات، ومداعبته التي عجز عن إيضاحها لحين فرحته بوصول منظاره الطبي حين ناوله له الرئيس ممتنا.

عاوده يأسه فلزم الصمت حين أصرت الفتاة الصغيرة على عدم تواجدها فيما حدث رغم الضجة والطنين وتعللت بالنوم، فوافقها مكرها، وهما يزحفان على طول مقعديهما في اتجاه معاكس للشمس الحارقة.

هنا وهناك على طول مرمى البصر تراصت العنابر المستطيلة الغارقة في الصمت، ومن حولها انتشر عمال نقل المرضى والمصابين الجرحى المقنعون يدفعون بنقالاتهم البيضاء في كل اتجاه بشكل منسق للغاية. في أقصى الأفق البعيد ينتصب مبنى إدارة المعزل، بلونه البني القاتم، وشرفاته الرحبة، ومن على رأسه ترفرف الأعلام الملونة في حركة عكسية لأسراب الطيور الضخمة العملاقة التي راحت تحلق ضاربة بأجنحتها طائرة في اتجاه دائري واحد، فيما حول القبة العملاقة التي ينتهي بها المبنى المدجج بالحراس والمقاتلين.

نامعلوم صفحہ