بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
اصناف
يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ،
يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ،
ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ، فكانوا عليها أضر من أهل الكتاب وأبعد عن الرجعة إلى الله والمآب؛ لأن الكتابي يجتهد في ضلال ويجد في كلال، وهؤلاء جهدهم التعطيل وقصاراهم التمويه والتخييل.
دبت عقاربهم في الآفاق برهة من الزمان، إلى أن أطلعنا الله سبحانه منهم على رجال كان الدهر قد أملى لهم على شدة حروبهم، وعفا عنهم سنين كثيرة على كثرة ذنوبهم، وما أملى لهم إلا ليزدادوا إثما، وما أمهلوا إلا ليأخذهم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما.
وما زلنا وصل الله كرامتكم نذكرهم على مقدار ظننا فيهم، وندعوهم على بصيرة إلى ما يقودهم إلى الله سبحانه ويدنيهم، فلما أراد الله فضيحة عمايتهم وكشف غوايتهم، وقف لبعضهم على كتب مسطورة في الضلال، موجبة أخذ صاحبها بالشمال، ظاهرها موشح بكتاب الله، وباطنها مصرح بالإعراض عن الله، لبس منها الإيمان بالظلم، وجيء منها بالحرب الزبون في صورة السلم، مزلة للأقدام، وهم يدب في باطن الإسلام، أسياف أهل الصليب دونها مفلولة، وأيديهم عما يناله هؤلاء مغلولة، فإنهم يوافقون الأمة في ظاهرهم وزيهم ولسانهم، ويخالفونهم بباطنهم وغيهم وبهتانهم.
فلما وقفنا منهم على ما هو قذى في جفن الدين، ونكتة سوداء في صفحة النور المبين، نبذناهم في الله نبذ النواة، وأقصيناهم حيث يقضي السفهاء من الغواة، وأبغضناهم في الله كما أننا نحب المؤمنين في الله، وقلنا: اللهم إن دينك هو الحق المبين، وعبادك هم الموصوفون بالمتقين، وهؤلاء قد صدفوا عن آياتك وعميت أبصارهم وبصايرهم عن بيناتك، فباعد أسفارهم وألحق بهم أشياعهم حيث كانوا وأنصارهم.
ولم يكن بينهم إلا قليل وبين الإلجام بالسيف في مجال ألسنتهم، والإيقاظ بحده من غفلتهم وسنتهم، ولكنهم وقفوا بموقف الخزي والهوان، ثم طردوا من رحمة الله،
ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون .
فاحذروا وفقكم الله هذه الشرذمة على الإيمان، حذركم من السموم السارية في الأبدان، ومن عثر له على كتاب من كتبهم فجزاؤه النار التي بها يعذب أربابه، وإليها يكون مآل مؤلفه وقارئه ومآبه، ومتى عثر منهم على مجد في غلوائه، عم عن سبيل استقامته واهتدائه، فليعاجل فيه بالتثقيف والتعريف،
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ،
نامعلوم صفحہ