بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
اصناف
10
ومعروف أن ابن حزم توفي سنة 456ه وأن الغزالي قرأه وأعجب ببعض ما كتب.
11
ومهما يكن من شيء؛ فإنه ما ينبغي أن يفهم من هذا أننا نريد الغض من قدر الغزالي، أو الانتقاص من قيمة عمله في هذه الناحية أو نريد أن نسويه في الرد على الفلاسفة بسابقيه، إنما الذي نريد بهذه الإشارات هو أن نثبت أن حجة الإسلام كان له سلف في هذا الكفاح، وأنه طبعا قد أفاد مما عرفه عن هؤلاء الأسلاف.
إن الغزالي وقد ولد بعد عشرين عاما من وفاة ابن سينا، رأى أن هذا قد أعطى للفلسفة قوة ومنزلة بالنسبة لعلم الكلام، لم يكونا لها من قبل، فرأى فرضا عليه أن ينتدب نفسه للرد على الفلاسفة وأن يشن عليهم حربا لا هوادة فيها، وكان على هذا قادرا.
لقد كان فقيها، ومتكلما، وصوفيا، ومتبحرا في الدراسات الفلسفية، فرأى أن القدر أعده ليكون الرجل الذي يربح المعركة الفاصلة ضد الفلسفة والفلاسفة، وقد كان يحس فعلا بهذه الرسالة التي يجب أن يضطلع بها دون تريث، فاندفع إلى أدائها بضمير يقظ وعقل قوي محيط.
هذا بإجمال دقيق هو الغزالي الذي أعدبغرضه نفسه لحرب الفلسفة ورجالها، فكتب في ذلك كتابه «تهافت الفلاسفة» فماذا كان بدقة غرضه وغايته من هذا العمل الكبير، وماذا كانت خطته التي اصطنعها للوصول إلى الغاية التي ندب نفسه لها؟ (3)
يرى «شمولدير
Schmoslders » أن غرض الغزالي من كتابه هو بيان تهافت الفلاسفة وتناقضهم بعضهم مع بعض، وأن المذهب الفلسفي للواحد منهم يضاد فلسفة الآخر، ومعنى هذا أن الغزالي لم يكن له في عمله مجهود إيجابي يدلل به على تهافت الفلاسفة وتداعي مذاهبهم، بل كل ما كان له هو بيان تناقض هذه المذاهب فيما بينها.
12
نامعلوم صفحہ