ومنه قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم). فالجمعة ساقطة عن الصبي والصبيان بدلالة الكتاب والسنة والاتفاق، وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء، وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم، واختلفوا في وجوب الجمعة على العبيد، فقالت طائفة: الجمعة واجبة على العبد الذي يؤدي الفريضة، وكذلك قال الحسن البصري وقتادة، وقال الأوزاعي: إذا كان مخارجا ضريبته فعليه الجمعة، وقال قائل: إذا قام بالجمعة العبيد كفى عن الأحرار غير أن لهم أن يتخلفوا عنها إذا منعهم السادة، وقال أكثر أهل العلم: ليس على العبيد جمعة، كذلك قال مالك وأهل المدينة والثوري وأهل الكوفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. روينا ذلك عن عطاء والشعبي وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري، وحكم المكاتب والمدبر كحكم العبيد.
قال أبو سعيد: يخرج في معاني قول أصحابنا أنه لا جمعة على الصبيان ولا النساء ولا العبيد، وأحسب أن في ذلك معاني ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا ما يستدل عليه في حكم المخصوصات أنه لا يلحق معاني العبيد، وما أشبه ذلك، وأما ما ينتقل من حال إلى حال من أحكام النساء والرجال فيخص بعضا دون بعض، فوجدناه منتقلا عن العبيد، من الحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كذلك الجمعة والجماعة يخرجان على معنى الخصوص، وقد تلزم بمعاني قول أصحابنا الجمعة من كان دون الفرسخين من المسجد الجامع الذي فيه /8/ الصلاة، ويزول في معاني قولهم عمن جاوز الفرسخين، ولو كان حيث يسافر في موضع الجمعة لاتصال المصر.
صفحہ 94