قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا ما حكي إلا قوله مطلقا، إذا لم يستطع أن يقوم لأمر دنياه، فإن القيام لأمور الدنيا يكون بالأعمال لها والقدرة عليها، وقد يطيق الصلاة من لا يقدر على الأعمال، وارخص ما قيل إنه إذا شق عليه القيام للصلاة صلى قاعدا، وتأويل ذلك أن تكون المشقة لا يحتملها في الوقت، أو لشغل يشتغل به عن حفظ صلاته، وقد يحفظها ويقدر عليها في القعود، أو لخوف ضرر يتولد عليه في ذلك بالقيام، فإذا آلمه ذلك ألما لا يحتمله /198/ ولو حفظ صلاته، أو لم يحفظ صلاته لمعنى ذلك الألم، ولو احتمله أو خاف مضرة تولد عليه، ولو احتمل ذلك وحفظ صلاته لأنه كان هذا موضع القيام، وما سوى ذلك فلعله يجري فيه الاختلاف. [بيان، 14/198] ومن كتاب الأشراف قال أبو بكر: واختلفوا في صفة جلوس المصلي قاعدا، فقالت طائفة: يكون في حال قيامه متربعا، وروي ذلك عن أنس بن مالك وابن عمر وابن سيرين ومجاهد، وهو قول عطاء بن أبي رباح والنخعي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وكره الصلاة متربعا ابن مسعود فيما يروى عنه، واختلف فيه عن عطاء والنخعي، وقال سفيان الثوري: يكون جلوسه متربعا، ويركع وهو متربع، فإذا أراد أن يسجد ثنى رجليه، هذا قول سفيان الثوري، وقال أحمد بن حنبل وإسحاق: إذا أراد أن يركع ثنى رجليه كما يركع القائم.
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن المصلي قاعدا يقعد لصلاته في موضع قيامه لها، إذا لم يمكنه القيام كما أمكنه من القعود، وأولى القعود عندهم كما يقعد للتحيات في سائر الصلوات من صلاة القيام، فإذا لم يمكنه ذلك فأحسن القعود في قولهم أن يركد على ركبتيه، ولا يتربع في قعوده، فإن لم يمكنه أن يجثو على ركبتيه فأحسب أنه يقعد على إليتيه، ويرفع ركبتيه أحسن من التربع، فإذا لم يمكنه ذلك تربع حينئذ أحسن من أن يمد رجليه أو أحدهما، وإلا فيقعد كما أمكنه بعد هذا. [بيان، 14/200]
في صلاة الذي يعجز عن الجلوس
ومن كتاب الأشراف قال أبو بكر: روينا عن ابن عمر أنه قال: إن لم يستطع أن يصلي قاعدا فمضطجعا يومئ إيماء وصلى، النخعي كذلك مضطجعا، وبه قال قتادة والثوري، والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق على قدر يسير عليه. قال أصحاب الرأي: يصلي مضطجعا ويومئ. وقال الحارث العكلي: يصلي مستلقيا ويجعل رجليه مما يلي القبلة ويومئ برأسه إيماء، وبه قال الثوري. وقال مالك: إذا لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه أو على ظهره.
قال أبو بكر: روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صل قائما، فإن لم تستطع فعلى جنبك" وبه نقول.
قال أبو بكر: فإن لم يقدر أن يصلي على جنبه صلى مستلقيا رجلاه في القبلة على قدر طاقته.
صفحہ 81